[فائدة: ١]
قال ابن قدامة: وَمَتَى أَحَجَّ هَذَا عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ عُوفِيَ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حَجٌّ آخَرُ.
وَهَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: يَلْزَمُهُ.
لِأَنَّ هَذَا بَدَلُ إيَاسٍ، فَإِذَا بَرَأَ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَأْيُوسًا مِنْهُ، فَلَزِمَهُ الْأَصْلُ، كَالْآيِسَةِ إذَا اعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ، ثُمَّ حَاضَتْ، لَا تُجْزِئُهَا تِلْكَ الْعِدَّةُ.
وَلَنَا: أَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ، فَخَرَجَ مِنْ الْعُهْدَةِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَبْرَأْ، أَوْ نَقُولُ: أَدَّى حَجَّةَ الْإِسْلَامِ بِأَمْرِ الشَّارِعِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ حَجٌّ ثَانٍ، كَمَا لَوْ حَجَّ بِنَفْسِهِ.
وَلِأَنَّ هَذَا يُفْضِي إلَى إيجَابِ حَجَّتَيْنِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُوجِبْ اللَّهُ عَلَيْهِ إلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً.
وَقَوْلُهُمْ: لَمْ يَكُنْ مَأْيُوسًا مِنْ بُرْئِهِ.
قُلْنَا: لَوْ لَمْ يَكُنْ مَأْيُوسًا مِنْهُ، لَمَا أُبِيحَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ، فَإِنَّهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ. (المغني).
[فائدة: ٢]
قال ابن قدامة: مَنْ يُرْجَى زَوَالُ مَرَضِهِ، وَالْمَحْبُوسُ وَنَحْوُهُ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ.
فَإِنْ فَعَلَ، لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَهُ ذَلِكَ.
وَيَكُونُ ذَلِكَ مُرَاعًى، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْحَجِّ بِنَفْسِهِ لَزِمَهُ، وَإِلَّا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ، أَشْبَهَ الْمَيْئُوسَ مِنْ بُرْئِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute