للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال القرطبي: وقد فهم بعض العلماء من هذا الحديث (لا تتمنوا لقاء العدو) كراهة المبارزة. وبهذا قال الحسن.

قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه على جواز المبارزة، والدَّعوة إليها. (المفهم).

قال ابن حجر: واستدل بهذا الحديث (لا تتمنوا لقاء العدو) على منع طلب المبارزة، وهو رأي الحسن البصري وكان علي يقول لا تدع إلى المبارزة فإذا دعيت فأجب تنصر لأن الداعي باغ.

• يشترط إذن الأمير.

وهذا القول هو الصحيح.

قال ابن المنذر: وشرط بعضهم فيها إذن الإمام، وهو قول الثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق.

وقال ابن حجر: وشرط الأوزاعي، والثوري، وأحمد، وإسحاق للجواز إذن الأمير على الجيش.

قال ابن قدامة: وَلَنَا أَنَّ الْإِمَامَ أَعْلَمُ بِفُرْسَانِهِ وَفُرْسَانِ الْعَدُوِّ، وَمَتَى بَرَزَ الْإِنْسَانُ إلَى مَنْ لَا يُطِيقُهُ، كَانَ مُعَرِّضًا نَفْسَهُ لِلْهَلَاكِ، فَيَكْسِرُ قُلُوبَ الْمُسْلِمِينَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَوَّضَ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ، لِيَخْتَارَ لِلْمُبَارَزَةِ مَنْ يَرْضَاهُ لَهَا، فَيَكُونَ أَقْرَبَ إلَى الظَّفَرِ وَجَبْرِ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ وَكَسْرِ قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ.

- أقسام المبارزة:

قال ابن قدامة: الْمُبَارَزَةُ تَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ مُسْتَحَبَّةٍ، وَمُبَاحَةٍ، وَمَكْرُوهَةٍ.

أَمَّا الْمُسْتَحَبَّةُ: فَإِذَا خَرَجَ عِلْجٌ يَطْلُبُ الْبِرَازَ، اُسْتُحِبَّ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ وَالشَّجَاعَةَ مُبَارَزَتُهُ بِإِذْنِ الْأَمِيرِ.

لِأَنَّ فِيهِ رَدًّا عَنْ الْمُسْلِمِينَ، وَإِظْهَارًا لِقُوَّتِهِمْ.

وَالْمُبَاحُ: أَنْ يَبْتَدِئَ الرَّجُلُ الشُّجَاعُ بِطَلَبِهَا، فَيُبَاحُ وَلَا يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا، وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يُغْلَبَ، فَيَكْسِرَ قُلُوبَ الْمُسْلِمِينَ، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ شُجَاعًا وَاثِقًا مِنْ نَفْسِهِ، أُبِيحَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ غَالِبٌ.

وَالْمَكْرُوهُ: أَنْ يَبْرُزَ الضَّعِيفُ الْمِنَّةِ، الَّذِي لَا يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ، فَتُكْرَهُ لَهُ الْمُبَارَزَةُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ بِقَتْلِهِ ظَاهِرًا. (المغني)

<<  <  ج: ص:  >  >>