فقد روى النسائي: عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ (أَنَّ مَيْمُونَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَدَانَتْ فَقِيلَ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، تَسْتَدِينِينَ وَلَيْسَ عِنْدَكِ وَفَاءٌ، قَالَتْ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: مَنْ أَخَذَ دَيْنًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ، أَعَانَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ).
- وفي الحديث التحذير الشديد من أن يبيّت الإنسان نية عدم السداد لقوله (أتلفه الله).
قال الحافظ ابن حجر: قوله: (أتلفه الله) ظاهره أن الإتلاف يقع له في الدنيا وذلك في معاشه أو في نفسه، وهو علم من أعلام النبوة لما نراه بالمشاهدة ممن يتعاطى شيئاً من الأمرين، وقيل المراد بالإتلاف عذاب الآخرة.
قال ابن بطال: فيه الحض على ترك استئكال أموال الناس والترغيب في حسن التأدية إليهم عند المداينة وأن الجزاء قد يكون من جنس العمل، وفيه: الترغيب في تحسين النية والترهيب من ضد ذلك وأن مدار الأعمال عليها (الفتح).
عَن صُهَيْب الْخَيْرِ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (أَيُّمَا رَجُلٍ يَدِينُ دَيْنًا وَهُوَ مُجْمِعٌ أَنْ لَا يُوَفِّيَهُ إِيَّاهُ لَقِيَ اللَّهَ سَارِقاً) رواه ابن ماجة.
وقد امتنع النبي -صلى الله عليه وسلم- من صلاة الجنازة على رجل مات وعليه ديناران. رواه أحمد.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وفي هذا الحديث إشعار بصعوبة أمرِ الدَّين، وأنه لا ينبغي تحمله إلا من ضرورة.
• فالمدين له حالات:
[الحالة الأولى: إذا أخذ الدين بنية عدم الوفاء.]
فإنه آثم سواء مات ولم يوفه أو أعسر في حياته، فإنه يؤاخذ يوم القيامة.
لأنه غير معذور بالاستدانة، ولأنه قصد استهلاك مال المسلم بغير وجه حق، وهذا من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال الله تعالى (وَلا
تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ … ).
ومما يدل على ذلك أيضاً:
أ-حديث أَبي هُرِيْرَةَ -رضي الله عنه- عن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال (مَنْ كَانتْ عِنْدَه مَظْلمَةٌ لأَخِيهِ، مِنْ عِرْضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ، فَلْيتَحَلَّلْه مِنْه الْيوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يكُونَ دِينَارٌ ولا دِرْهَمٌ، إنْ كَانَ لَهُ عَملٌ صَالحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقدْرِ مظْلمتِهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سيِّئَاتِ صاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ) رواه البخاري