للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[والحكمة من ذلك]

قال الحافظ ابن حجر: سِيَاقُ سَمُرَةَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى ذَلِكَ.

قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي اسْتِقْبَالِ الْمَأْمُومِينَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ.

وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِيهِ تَعْرِيفُ الدَّاخِلِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ انْقَضَتْ إِذْ لَوِ اسْتَمَرَّ الْإِمَامُ عَلَى حَالِهِ لَأَوْهَمَ أَنَّهُ فِي التَّشَهُّدِ مَثَلًا.

وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: اسْتِدْبَارُ الْإِمَامِ الْمَأْمُومِينَ إِنَّمَا هُوَ لِحَقِّ الْإِمَامَةِ فَإِذَا انْقَضَتِ الصَّلَاةُ زَالَ السَّبَبُ، فَاسْتِقْبَالُهُمْ حِينَئِذٍ يَرْفَعُ الْخُيَلَاءَ وَالتَّرَفُّعَ على الْمَأْمُومين. … (الفتح).

(ويجوز أن ينصرف عن يمينه أو شماله).

أي: أن للإمام أن ينصرف للمأمومين عن يمينه أو عن شماله.

عن عَبْدُ اللهِ قال (لَا يَجْعَلْ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إِلاَّ عَنْ يَمِينِهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ) رواه البخاري.

وعن أنس قال (أما أنا، فأكثر ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينصرف عن يمينه) رواه مسلم.

والجمع بينهما:

قال النووي: وَجْه الْجَمْع بَيْنهمَا: أَنَّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَفْعَل تَارَة هَذَا وَتَارَة هَذَا، فَأَخْبَرَ كُلّ وَاحِد بِمَا اِعْتَقَدَ أَنَّهُ الْأَكْثَر فِيمَا يَعْلَمهُ؛ فَدَلَّ عَلَى جَوَازهمَا، وَلَا كَرَاهَة فِي وَاحِد مِنْهُمَا.

وقال ابن بطال: فالانفتال والانصراف عن اليمين والشمال جائز عند العلماء لا يكرهونه؛ لما ثبت عن الرسول فى هذا الباب، وإن كان انصرافه عليه السلام عن يمينه أكثر؛ لأنه كان يحب التيامن في أمره كله، وإنما نهى ابن مسعود عن التزام الانصراف من جهة اليمين؛ خشية أن يجعل ذلك من اللازم الذي لا يجوز غيره. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>