الحكمة من إكثاره -صلى الله عليه وسلم- من صوم شعبان؟ اختلف العلماء في ذلك:
فقيل: كان يشتغل عن صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر أو غيره، فتجتمع فيقضيها في شعبان.
وهذا فيه حديث ضعيف أخرجه الطبراني في الأوسط.
وقيل: كان يصنع ذلك لتعظيم رمضان.
وهذا فيه حديث آخر أخرجه الترمذي من طريق صدقة بن موسى عن ثابت عن أنس قال (سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي الصوم أفضل بعد رمضان؟ قال: شعبان لتعظيم رمضان) قال الترمذي: حديث غريب، وصدقة عندهم ليس بذاك القوي.
والأولى في ذلك: ما جاء في حديث أصح مما مضى أخرجه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة عن أسامة بن زيد قال: (قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم في شعبان؟ قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم).
[فائدة: ٢]
جاء عند أبي داود من حديث أم سلمة (أنه كان لا يصوم من السنة شهراً تاماً إلا شعبان يصله برمضان)؟
اختلف العلماء في معنى ذلك على أقوال:
قيل: أي أنه كان يصوم معظمه، فالمراد بالكل أكثره.
ويدل ذلك الحديث السابق (وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ).
وجاء عند مسلم (كان يصوم شعبان إلا قليلاً).
قال الحافظ: وهذا يبين أن المراد بقوله في حديث أم سلمة عند أبي داود: (أنه كان لا يصوم من السنة شهراً تاماً إلا شعبان يصله برمضان) أي كان يصوم معظمه، فالمراد بالكل الأكثر.