قال النووي: وأجمعوا على أنها إذا انقلبت بنفسها خلاً طهرت، وقد حكي عن سحنون أنها لا تطهر، فإن صح عنه فهو محجوج بإجماع من قبله.
(وإنْ خُلِّلتْ لم تطهرْ).
أي: وإن تخللت بفعل آدمي؟ كما لو تخللت بأن أضاف إليها إنسان شيئاً، أو نقلها من الشمس إلى الظل أو العكس؟
فإنها لا تطهر.
وهذا مذهب جمهور العلماء.
لحديث أَنَسِ بْنِ مَالِك قَالَ:(سُئِلَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ اَلْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا? قَالَ: لَا) رواه مسلم.
وجاء في رواية عند أبي داود وأحمد:(أن أبا طلحة سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أيتام ورثوا خمراً، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أهرقها، قال: أفلا أجعلها خلاً؟ قال: لا).
(تُتَّخَذُ خَلًّا) المراد باتخاذها خلاً هو علاجها حتى تصير خلاً بعدما تشتد وتقذف الزبد، وذلك بوضع شيء فيها، كبصل أو خبز أو
خميرة ونحو ذلك، أو ينقلها من الظل إلى الشمس أو بالعكس.
ووجه الدلالة: أنه لو كان هناك طريق للانتفاع لتطهير الخمر لأرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- حفظاً للأموال، وأيضاً كما في الرواية الأخرى:(كانت لأيتام) والأيتام أولى بحفظ أموالهم، فلو كان تخليلها جائزاً لأرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وكذلك قوله (أهرقها) دليل على أنه لا يجوز تخليلها، لأنه يجب إراقتها ولا يجوز اقتناؤها.