للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وإن أقامَ لقضاءِ حاجةٍ بلا نيةِ إقامةٍ قَصَرَ أبداً).

أي: أن المسافر إذا أقام مدة ولا يعرف متى ينقضي عمله، فإنه يقصر ولو طالت المدة.

وهذا مذهب جماهير العلماء.

قال ابن قدامة: مَنْ لَمْ يُجْمِعْ الْإِقَامَةَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى إحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً، فَلَهُ الْقَصْرُ، وَلَوْ أَقَامَ سِنِينَ، مِثْلُ أَنْ يُقِيمَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ يَرْجُو نَجَاحَهَا، أَوْ لِجِهَادِ عَدُوٍّ، أَوْ حَبَسَهُ سُلْطَانٌ أَوْ مَرَضٌ، وَسَوَاءٌ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ انْقِضَاءُ الْحَاجَةِ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ، أَوْ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ أَنْ يَحْتَمِلَ انْقِضَاؤُهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي لَا تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ مَا لَمْ يُجْمِعْ إقَامَةً، وَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ سِنُونَ. (المغني).

وقال ابن تيمية: وَأَمَّا إنْ قَالَ غَدًا أُسَافِرُ أَوْ بَعْدَ غَدٍ أُسَافِرُ وَلَمْ يَنْوِ الْمُقَامَ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ أَبَدًا فَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَقَامَ بِمَكَّةَ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَأَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ لَيْلَةً يَقْصُرُ الصَّلَاةَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وقال ابن القيم: وَالْأَئِمّةُ الْأَرْبَعَةُ مُتّفِقُونَ عَلَى أَنّهُ إذَا أَقَامَ لِحَاجَةٍ يَنْتَظِرُ قَضَاءَهَا يَقُولُ الْيَوْمَ أَخْرُجُ غَدًا أَخْرُجُ فَإِنّهُ يَقْصُرُ أَبَدًا إلّا الشّافِعِيّ

فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ فَإِنّهُ يَقْصُرُ عِنْدَهُ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا يَقْصُرُ بَعْدَهَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي " إشْرَافِهِ " أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُقْصِرَ مَا لَمْ يُجْمِعْ إقَامَةً وَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ سُنُونَ. (زاد المعاد).

أ- عَنْ اِبْنِ عَبَّاس قَالَ (أَقَامَ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ - وَفِي لَفْظٍ: - بِمَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا) رَوَاهُ اَلْبُخَارِي.

ب- وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ (أَقَامَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ) رواه أبو داود.

ج-ولأن ذلك لا يعد لبثاً.

د- وقد ثبت عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّهُ قَالَ: (أَرْتَجَ عَلَيْنَا الثَّلْجُ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فِي غَزَاةٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كُنَّا نُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ) رواه البيهقي. ومعنى أَرْتَجَ: دام وأطبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>