(والمتيمم بالمتوضئين).
أي: يصح إمامة المتيمم بالمتوضئ.
لحديث عمرو بن العاص قال (احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا عمرو، أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله يقول (ولا تقتلوا أنفسكم) فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل شيئاً) رواه أبو داود.
قال ابن قدامة: يَصِحُّ ائْتِمَامُ الْمُتَوَضِّئِ، بِالْمُتَيَمِّمِ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ مُتَيَمِّمًا، وَبَلَغَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمْ يُنْكِرْهُ.
وَأَمَّ ابْنُ عَبَّاسٍ أَصْحَابَهُ مُتَيَمِّمًا، وَفِيهِمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمْ يُنْكِرُوهُ.
وَلِأَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ طَهَارَةً صَحِيحَةً، فَأَشْبَهَ الْمُتَوَضِّئَ.
(وتكرهُ إمَامَةُ اللحان).
اللحان كثير اللحن الذي لا يغير المعنى في غير الفاتحة.
فإمامة اللحان مكروهة.
قال النووي: إذا لحن في القراءة كرهت إمامته مطلقاً.
وقال ابن قدامة: يكره إمامة اللحان، لأنه نقص يذهب ببعض الثواب.
(وأنْ يَؤُمَّ أجنبيةً فأكثرَ لا رجلَ معهُنّ).
أي: يكره أن يصلي الرجل بامرأة أجنبية عنه.
والأجنبية: من ليست من محارمه.
والصحيح أن ذلك حرام.
فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (لا يخلونَّ رجل بامرأةٍ إلا ومعها ذو محرَم) رواه البخاري ومسلم.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ) رواه أحمد.
وهذه الأحاديث عامة، تدل على تحريم خلوة الرجل بالمرأة في أي حال ولو كان ذلك من أجل الصلاة.
وقد نص على تحريم ذلك أهل العلم.
قال النووي: قال أصحابنا: إذا أمَّ الرجل بامرأته أو محرم له، وخلا بها جاز بلا كراهة; لأنه يباح له الخلوة بها في غير الصلاة، وإن أمَّ بأجنبية وخلا بها حرم ذلك عليه وعليها، للأحاديث الصحيحة التي سأذكرها إن شاء الله تعالى … ثم ذكر نحو الأحاديث المتقدمة. (المجموع).
وجاء في (الموسوعة الفقهية) وقد اتفق الفقهاء على أن الخلوة بالأجنبية محرمة. وقالوا: لا يخلون رجل بامرأة ليست منه بمحرم، ولا زوجة، بل أجنبية; لأن الشيطان يوسوس لهما في الخلوة بفعل ما لا يحل، قال -صلى الله عليه وسلم- (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان). وقالوا: إن أمَّ بأجنبية وخلا بها، حرم ذلك عليه وعليها.