فَصْلٌ
هذا الفصل في بيان عدد الشهود في الشهادة وهو يختلف باختلاف المشهود به.
(وَلَا يُقْبَلُ فِي الزِّنَا وَالإِقْرَارِ بِهِ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ)
أولاً: ما يشترط فيه أربعة شهود: وهو الزنا.
لقوله تعالى (لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ).
وقال تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ).
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ).
وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَرَأَيْت لَوْ وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا، أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (نَعَمْ) رَوَاهُ مَالِكٌ، فِي الْمُوَطَّأ وَأَبُو دَاوُد فِي سُنَنِه. …
قال ابن قدامة: أجمع المسلمون على أنه لا يقبل في الزنا أقل من أربعة شهود وقد نص الله تعالى عليه بقوله سبحانه: (لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ).
فائدة: ١
لا تقبل فيه النساء.
جمهور العلماء على أنه يشترط أن يكونوا رجالاً أحراراً فلا تقبل شهادة النساء ولا العبيد.
قال ابن قدامة: وَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِحَالٍ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، إلَّا شَيْئًا يُرْوَى عَنْ عَطَاءٍ وَحَمَّادٍ: أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ وَامْرَأَتَانِ. وَهُوَ شُذُوذٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْأَرْبَعَةِ اسْمٌ لِعَدَدِ الْمَذْكُورِينَ، وَيَقْتَضِي أَنْ يُكْتَفَى فِيهِ بِأَرْبَعَةٍ.
وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْأَرْبَعَةَ إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ نِسَاءً لَا يُكْتَفَى بِهِمْ، وَإِنَّ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ خَمْسَةٌ، وَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ.
وَلِأَنَّ فِي شَهَادَتِهِنَّ شُبْهَةً؛ لِتَطَرُّقِ الضَّلَالِ إلَيْهِنَّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ.