للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في (طرح التثريب) وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إلَى أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى جَاحِدِ الْعَارِيَّةِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ

وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَجْوِبَةٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ شَاذَّةٌ، فَإِنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِجَمَاهِيرِ الرُّوَاةِ، وَالشَّاذَّةُ لَا يُعْمَلُ بِهَا، حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: مَنْ رَوَى أَنَّهَا سَرَقَتْ أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ مِنْ رِوَايَةِ أَنَّهَا كَانَتْ تَجْحَدُ الْمَتَاعَ، وَانْفَرَدَ مَعْمَرٌ بِذِكْرِ الْجَحْدِ وَحْدَهُ مِنْ بَيْنِ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ، وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِحِفْظِهِ …

الْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ قَطْعَها إنَّمَا كَانَ بِالسَّرِقَةِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ الْعَارِيَّةُ تَعْرِيفًا لَهَا، وَوَصْفًا؛ لَا لِأَنَّهَا سَبَبُ الْقَطْعِ. وَبِذَلِكَ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ؛ فَإِنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَة.

وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ، وَحَكَاهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالنَّوَوِيِّ عَنْ الْعُلَمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ السَّرِقَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا عِنْدَ الرَّاوِي ذِكْرُ مَنْعِ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ، لَا الْإِخْبَارِ عَنْ السَّرِقَةِ.

والراجح القول الثاني.

(وكون المسروق نصاباً).

هذا الشرط الثاني من شروط القطع: أن يكون المسروق نصاباً.

وهذا مذهب جماهير العلماء.

قال النووي: وَقَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء: وَلَا تُقْطَع إِلَّا فِي نِصَاب لِهَذِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة.

وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يشترط النصاب، بل تقطع اليد في القليل والكثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>