وقال ابن قدامة: وَالْمَرْأَةُ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ إنَّمَا قُطِعَتْ لِسَرِقَتِهَا، لَا بِجَحْدِهَا، أَلَا تَرَى قَوْلَهُ: (إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ)، وَقَوْلَهُ: (وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّدٍ، لَقَطَعْت يَدَهَا)، وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ رِوَايَةِ هَذِهِ الْقِصَّةِ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، وَذَكَرَتْ الْقِصَّةَ. (المغني).
وقال النووي: قَالَ الْعُلَمَاء: الْمُرَاد أَنَّهَا قُطِعَتْ بِالسَّرِقَةِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ الْعَارِيَة تَعْرِيفًا لَهَا وَوَصْفًا لَهَا، لَا أَنَّهَا سَبَب الْقَطْع. وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِم هَذَا الْحَدِيث فِي سَائِر الطُّرُق الْمُصَرِّحَة بِأَنَّهَا سَرَقَتْ وَقُطِعَتْ بِسَبَبِ السَّرِقَة، فَيَتَعَيَّن حَمْل هَذِهِ الرِّوَايَة عَلَى ذَلِكَ جَمْعًا بَيْن الرِّوَايَات، فَإِنَّهَا قَضِيَّة وَاحِدَة، مَعَ أَنَّ جَمَاعَة مِنْ الْأَئِمَّة قَالُوا: هَذِهِ الرِّوَايَة شَاذَّة: فَإِنَّهَا مُخَالِفَة لِجَمَاهِير الرُّوَاة، وَالشَّاذَّة لَا يُعْمَل بِهَا. قَالَ الْعُلَمَاء: وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُر السَّرِقَة فِي هَذِهِ الرِّوَايَة؛ لِأَنَّ الْمَقْصُود مِنْهَا عِنْد الرَّاوِي ذِكْر مَنْع الشَّفَاعَة فِي الْحُدُود، لَا الْإِخْبَار عَنْ السَّرِقَة. قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء وَفُقَهَاء الْأَمْصَار: لَا قَطْع عَلَى مَنْ جَحَدَ الْعَارِيَة، وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيث بِنَحْوِ مَا ذَكَرْته، وَقَالَ أَحْمَد وَإِسْحَاق: يَجِب الْقَطْع فِي ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute