(وينقض غَسل ميتٍ).
أي: ومن نواقض الوضوء تغسيل الميت. واستدلوا:
أ- بما ورد عن عطاء أن ابن عمر وابن عباس كانا يأمران غاسل الميت بالوضوء.
ب- وقالوا: ولأن العادة أن الغاسل لا تسلم يدُه أن تقع على فرج الميت، كما لا يسلم النائم المضطجع من خروج الحدث، وأوجبنا الوضوء من النوم.
وذهب بعض العلماء إلى أنه لا ينقض الوضوء.
وهو قول جمهور العلماء.
قال ابن قدامة: وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
لِأَنَّ الْوُجُوبَ مِنْ الشَّرْعِ، وَلَمْ يَرِدْ فِي هَذَا نَصٌّ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ.
وَلِأَنَّهُ غَسْلُ آدَمِيٍّ، فَأَشْبَهَ غَسْلَ الْحَيِّ. (المغني).
وقال الشيخ ابن عثيمين: فالراجح أن تغسيل الميت لا ينقض الوضوء، وهو اختيار الموفق، وشيخ الإسلام، وجماعة من أهل العلم.
وأمّا ما ورد عن هؤلاء الصحابة فإنه يحمل على الاستحباب.
(وأكل لحم الجزور).
أي: ومن نواقض الوضوء أكل لحم الجزور.
وهذا مذهب الإمام أحمد، وإسحاق، وابن المنذر، وابن خزيمة، واختاره البيهقي وحكاه عن أصحاب الحديث مطلقاً.
قال الخطابي: ذهب إلى هذا عامة أهل الحديث.
أ- لحديث جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا (أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ اَلْغَنَمِ? قَالَ: إِنْ شِئْتَ قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ اَلْإِبِلِ? قَالَ: نَعَمْ) أَخْرَجَهُ مُسْلِم.
ب-ولحديث البراء قال (سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوضوء من لحوم الإبل فقال: توضئوا منها، وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل، فقال: لا تصلوا فيها فإنها من الشياطين) رواه أبو داود.
قال النووي في المجموع: قال إمام الأئمة ابن خزيمة: لم نر خلافاً بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح، وانتصر البيهقي لهذا المذهب.