وقال في شرحه على مسلم: قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية: صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا حديثان، حديث جابر وحديث البراء، وهذا المذهب أقوى دليلاً، وإن كان الجمهور على خلافه.
وذهب بعض العلماء: إلى أنه لا ينقض الوضوء.
قال النووي: وهو قول جمهور العلماء.
فهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي.
أ-لحديث جابر قال (كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار) رواه أبو داود.
قالوا: هذا الحديث نسخ أحاديث الأمر بالوضوء من لحم الإبل.
ب-وبما روي عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الوضوء مما يخرج لا مما يدخل) رواه الدار قطني والبيهقي.
والراجح القول الأول.
• وأما ما الجواب عن أدلة القول الثاني؟
أما حديث جابر (كان آخر الأمرين … ).
قال النووي: هذا الحديث عام، وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص، والخاص مقدم على العام.
وقال ابن قدامة: أن خبرهم عام، وخبرنا خاص، والعام لا يُنسخ به الخاص، لأن من شرط النسخ تعذر الجمع، والجمع بين الخاص والعام ممكن بتنزيل العام على ما عدا محل التخصيص.
وأما حديث ابن عباس (الوضوء مما يخرج … ) فضعيف لا يصح.
رواه البيهقي (١/ ١١٦) وضعفه، والدار قطني (ص ٥٥)، وهو حديث ضعيف فيه ثلاث علل، انظر تحقيقها في " السلسلة الضعيفة " (٩٥٩).
وإن صح - تنزلاً - فهو عام، وحديث إيجاب الوضوء خاص.
• قول من قال إن المراد من قوله (توضئوا منها .. ) غسل اليدين والفم بعيد، لأن الظاهر منه هو الوضوء الشرعي لا اللغوي، وحمل الألفاظ الشرعية على معانيها الشرعية واجب.