(ومتى زالَ عُذرُه أزالَه في الحالِ وإلا فدَى).
أي: يجب على من فعل محظوراً لعذر من الأعذار، أن يزيل هذا المحظور فور زوال العذر، فإن لم يفعل واستمر مع زوال العذر فعليه الفدية.
لاستدامة المحظور من غير عذر.
فائدة: ١
تكرار المحظور:
أ- إذا كرر محظوراً من جنسٍ واحد، كلبس قميص، ولبس سراويل، ولم يفد فإنه يفدي مرةً واحدة.
وهو مذهب الحنابلة، وبه قال محمد بن الحسن الشيباني، واختاره ابن باز.
لقوله تعالى (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ).
وجه الدلالة: أن الله تعالى أوجب لحلق الرأس فديةً واحدة، ولم يفرق بين ما وقع في دفعةٍ أو دفعات، ثم إن الحلق لا يكون إلا شيئاً بعد شيء، فهو ارتكاب محظوراتٍ متتاليةٍ من جنسٍ واحد، ومع ذلك لم يوجب فيه إلا فدية واحدة.
قال ابن عثيمين: إذا كرر الإنسان المحظور من جنسٍ واحد، ففعله أكثر من مرة ولم يفد، فإنه يفدي مرةً واحدة، لكن بشرط ألا يؤخر الفدية؛ لئلا تتكرر عليه، بحيث يفعل المحظور مرةً أخرى، فيعاقب بنقيض قصده، لئلا يتحيل على إسقاط الواجب، مثاله: أن يقلم مرتين، أو يلبس مخيطاً مرتين، أو يحلق مرتين، أو يباشر مرتين أو أكثر، وهو من جنسٍ واحد، فإن عليه فدية واحدة إذا لم يفد؛ قياساً على ما إذا تعددت أحداثٌ من جنسٍ واحد فيكفيه وضوءٌ واحد.
ب- إن كفّر عن الأول ثم ارتكب المحظور أنه يلزمه فديةٌ أخرى:
لأنه بالمحظور الثاني صادف إحراماً؛ فوجبت فيه الفدية، كما وجبت على المحظور الأول، وقياساً على الحدود والأيمان.
ولأنه لما كفر للأول فقد التحق المحظور الأول بالعدم؛ فيعتبر الثاني محظوراً آخر مبتدأ، كما إذا جامع في يومين من شهر رمضان.
فائدة: ٢
إذا كان المحظور صيداً، فإن الفدية تتعدد بتعدد الصيد.
لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ).
وجه الدلالة: أن الآية تدل على أن من قتل صيداً لزمه مثله، ومن قتل أكثر لزمه مثل ذلك.