للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: الكراهة.

لحديث ابن عُمَرَ. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ أَلَا إِنَّهَا الْعِشَاءُ وَهُمْ يُعْتِمُونَ بِالإِبِلِ) رواه مسلم

القول الثالث: الجواز بشرط عدم هجران الاسم الشرعي وهو العشاء، ورجح هذا ابن القيم.

قال ابن القيم: والتحقيق: كراهية هجر الاسم المشروع وهو العشاء، والاستبدال به اسم العتمة، فأما إذا كان المستعمل هو الاسم الشرعي ولم يهجر، وأطلق الآخر أحياناً فلا بأس وعلى هذا تتفق الأحاديث. [تحفة الودود ٩٩]

قال الحافظ ابن حجر: واختلف السلف في ذلك فمنهم من كرهه كابن عمر راوي الحديث، ومنهم من أطلق جوازه نقله بن أبي شيبة عن أبي بكر الصديق وغيره، ومنهم من جعله خلاف الأولى وهو الراجح وسيأتي للمصنف وكذلك نقله بن المنذر عن مالك والشافعي واختاره.

وقال النووي: وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة تَسْمِيَتهَا بِالْعَتَمَةِ كَحَدِيثِ (لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصُّبْح وَالْعَتَمَة لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا) وَغَيْر ذَلِكَ. وَالْجَوَاب عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدهمَا: أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ لِبَيَانِ الْجَوَاز، وَأَنَّ النَّهْي عَنْ الْعَتَمَة لِلتَّنْزِيهِ لَا لِلتَّحْرِيمِ.

وَالثَّانِي: يَحْتَمِل أَنَّهُ خُوطِبَ بِالْعَتَمَةِ مَنْ لَا يَعْرِف الْعِشَاء فَخُوطِبَ بِمَا يَعْرِفهُ، وَاسْتَعْمَلَ لَفْظ (الْعَتَمَة)؛ لِأَنَّهُ أَشْهَر عِنْد الْعَرَب.

(والظهر في شدة الحر).

أي: وإلا الظهر، فيسن تأخيرها في شدة الحر.

لحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا اِشْتَدَّ اَلْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ اَلْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه. (فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ): أي: أخروها حتى يبرد الجو، قال الخطابي: الإبراد: انكسار شدة حر الظهيرة، قال النووي: أَيْ أَخِّرُوهَا إِلَى الْبَرْد وَاطْلُبُوا الْبَرْد لَهَا.

(مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) جملة تعليلية لمشروعية التأخير المذكور، وفيح جهنم: أي من وهج حرها وسعة انتشارها.

<<  <  ج: ص:  >  >>