للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وإذا استأذنت المرأة إلى المسجد كُرهَ منعُها).

أي: إذا طلبت المرأة الإذن والسماح من ولي أمرها بالخروج للمسجد للصلاة فإنه يكره منعها.

لحديث عَبْدَ اللَّهِ بْن عُمَر قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا).

قَالَ فَقَالَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ. قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ؛ وَقَالَ أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَتَقُولُ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ.

وفي لفظ لمسلم (لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ).

فقوله -صلى الله عليه وسلم- (لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ) نهي الرجل أن يمنع امرأته إذا استأذنته بالخروج للمسجد.

• وقد اختَلف أهلُ العِلمِ في إذنِ الزوجِ لزوجتِه إذا استأذنتْه للخروجِ إلى المسجِد على قولين:

القول الأوَّل: يُستحبُّ للزوجِ أن يأذنَ لزوجتِه إذا استأذنتْه في الخروجِ إلى المسجدِ للصلاةِ إذا أُمِنتِ الفتنةُ، فإنْ منَعَها لم يحرُمْ عليه منعُها. (يكره منعها).

وهو مذهبُ المالكية، والشافعية، والحنابلة، وحُكي أنَّه قولُ عامَّة العلماء.

قال النووي: هَذَا وَشَبَهه مِنْ أَحَادِيث الْبَاب ظَاهِر فِي أَنَّهَا لَا تُمْنَع الْمَسْجِد لَكِنْ بِشُرُوطٍ ذَكَرَهَا الْعُلَمَاء … وَهَذَا النَّهْي عَنْ مَنْعهنَّ مِنْ الْخُرُوج مَحْمُول عَلَى كَرَاهَة التَّنْزِيه إِذَا كَانَتْ الْمَرْأَة ذَات زَوْج أَوْ سَيِّد وَوُجِدَتْ الشُّرُوط الْمَذْكُورَة.

لحديث الباب (لا تَمْنعوا إماءَ اللهِ مساجِدَ الله).

والنهيَ للتَّنزيه. وذلك لِمَا يلي:

أولًا: لو كان إذنُ الزَّوجِ واجبًا لانْتفَى معنى الاستئذانِ؛ لأنَّ ذلك إنَّما يتحقَّق إذا كان المستأذنُ مخيَّرًا في الإجابةِ أو الردّ.

ثانيًا: أنَّ حقَّ الزوجِ في ملازمةِ المسكنِ واجبٌ؛ فلا تتركه للفضيلة.

ثالثًا: لو كان المنعُ حرامًا لكان من حقِّ الزوجةِ أن تخرُجَ إلى المسجدِ دون إذنِ زَوجِها، شاءَ أو أبَى.

القول الثَّاني: يجبُ على الزوجِ أنْ يأذنَ لزوجتِه إذا استأذنتْه إلى المسجدِ للصلاةِ، إذا أُمِنت الفتنة، ويحرم منعها.

وهو قولُ ابنِ عبد البر، وابنِ حزم، والشوكاني، والشِّنقيطيّ، وابنِ باز، وابنِ عُثَيمين.

لحديث ابن عمر السابق حينما قال بلال (واللهِ لنمنعهنّ) قال: فأقْبَلَ عليه عبدُ اللهِ فسَبَّه سبًّا سيِّئًا ما سمعتُه سبَّ مِثلَه قطُّ، وقال:

أُخبِرُكُ عن رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وتقول: واللهِ لنمنعهن.

فهذا الفِعلُ مِن ابنِ عُمرَ يدلُّ على تحريمِ المنع.

ولحديث (لا تَمنعوا إماءَ اللهِ مساجدَ الله).

<<  <  ج: ص:  >  >>