وهذا مذهب جماهير العلماء.
أ-لما فيه من المشقة.
ب-ولأن الأحاديث في الصحيحين التي وصفت صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- على الراحلة ليس فيها الاستقبال.
ج- ولأنه جزء من الصلاة أشبه سائرها.
قالوا: حديث أنس فعل، والفعل يدل على الاستحباب.
فيحمل حديث أنس على الاستحباب كما قال ابن قدامة في المغني.
قال ابن قدامة: … لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ، أَشْبَهَ سَائِرَ أَجْزَائِهَا، وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو مِنْ مَشَقَّةٍ، فَسَقَطَ، وَخَبَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْمَلُ عَلَى الْفَضِيلَةِ وَالنَّدْبِ
وقال ابن القيم بعد ذكره لحديث أنس: وفي الحديث نظر، وسائر من وصف صلاته -صلى الله عليه وسلم- على راحلته أطلقوا أنه كان يصلي عليها قبل أي جهة توجهت به، ولم يستثنوا من ذلك تكبيرة الإحرام، ولا غيرها كعامر بن ربيعة، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وحديثهم أصح من حديث أنس هذا.
فحديث أنس (كَانَ إِذَا سَافَرَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اِسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ اَلْقِبْلَةِ، فَكَبَّرَ … ) مخالف للأحاديث الصحيحة الواردة في الصحيحين، فإن هذه الأحاديث ليس فيه استثناء تكبيرة الإحرام وأنها إلى القبلة، كما قال ابن القيم.
(وفرْضُ من قرُب من القبلة إصابة عينِها، ومن بعُدَ جهتُها).
أي: من كان قريباً مشاهداً للكعبة ففرضة إصابة عينها، وأما البعيد فإلى جهتها.
ففرض المصلي ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن يمكنه مشاهدة الكعبة، ففرضه أن يتجه إلى عين الكعبة.
وهذا بالاتفاق.
قال ابن قدامة: … ثُمَّ إنْ كَانَ مُعَايِنًا لِلْكَعْبَةِ، فَفَرْضُهُ الصَّلَاةُ إلَى عَيْنِهَا، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
القسم الثاني: من لا يمكنه مشاهدة الكعبة كالبعيد، فالواجب عليه أن يتجه إلى جهة الكعبة.