للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه الحالة: إذا حلف أخذ ما ادعى به واستحق المتنازع عليه.

واستدل أصحاب هذا القول بحديث ابن عمر (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رد اليمين على طالب الحق) رواه الدارقطني وهو حديث ضعيف [معنى رد الحق: تنقل من المدعَى عليه إلى المدعِي].

ولأنه إذا رفض المدعي عليه أن يحلف ظهر صدق المدعي، فقوي جانبه، فتشرع اليمين في حقه كما كانت تشرع في حق المدعى عليه قبل نكولهِ. [اليمين في حق من جانبه أقوى دائماً].

قوله (فَيَقُولُ: إِنْ حَلَفْتَ وَإِلاَّ قَضَيْتُ عَلَيْكَ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قَضَى عَلَيْه).

أي: يقول القاضي للمدعَى عليه: إن امتنعت عن الحلف، فإنه يترتب على ذلك أنني أقضي عليك، فإن حلف فإن القاضي يخلي سبيله كما سبق.

[فائدة]

إذا توجهت اليمين على المدعى عليه ونكل عن اليمين، فهل يعتبر نكوله عن اليمين إقراراً منه بما يدعيه المدعي؟

قيل: أن النكول عن اليمين إقرار من الناكل أو بدل عنه.

وقيل: أن النكول عن اليمين يعتبر كالبذل والإباحة والترك، وعدم المطالبة.

وقيل: أن النكول عن اليمين كإقامة البينة.

وهذا مذهب الحنابلة.

قال ابن القيم: وَالصَّحِيحُ: أَنَّ النُّكُولَ يَقُومُ مَقَامَ الشَّاهِدِ وَالْبَيِّنَةِ، لَا مَقَامَ الْإِقْرَارِ وَلَا الْبَذْلِ، لِأَنَّ النَّاكِلَ قَدْ صَرَّحَ بِالْإِنْكَارِ، وَأَنَّهُ لَا

يَسْتَحِقُّ الْمُدَّعِي بِهِ.

وَهُوَ مِصْرُ عَلَى ذَلِكَ، مُتَوَرِّعٌ عَنْ الْيَمِينِ، فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّهُ مُقِرٌّ، مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَيُجْعَلُ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ؟ وَأَيْضًا، لَوْ كَانَ مُقِرًّا لَمْ تُسْمَعْ مِنْهُ بَيِّنَةُ نُكُولِهِ بِالْإِبْرَاءِ وَالْأَدَاءِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ، وَأَيْضًا، فَإِنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَشَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ، فَكَيْفَ يُجْعَلُ مُقِرًّا شَاهِدًا عَلَى نَفْسِهِ بِنُكُولِهِ، وَالْبَذْلُ إبَاحَةٌ وَتَبَرُّعٌ، وَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>