للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البغوي: هذا خطاب لأهل المدينة، ولمن كانت قبلته على ذلك السمت، فأما من كانت قبلته إلى جهة المشرق أو المغرب، فإنه ينحرف إلى الجنوب أو الشمال.

• قال ابن حجر: هناك مذاهب أخرى:

منها: جواز الاستدبار في البنيان فقط تمسكاً بظاهر حديث ابن عمر وهو قول أبي يوسف.

قلت [سليمان] ورجح هذا القول الشيخ محمد بن عثيمين كما في الممتع.

ومنها: التحريم مطلقاً حتى في القبلة المنسوخة وهي بيت المقدس.

وهو محكي عن إبراهيم وابن سيرين عملاً بحديث معقل الأسدي (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلتين ببول أو بغائط) رواه أبو داود وهو حديث ضعيف.

٢ - فإن قيل: كيف نظر ابن عمر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في تلك الحالة، ولا يجوز له ذلك؟

قال ابن حجر: لم يقصد ابن عمر الإشراف على النبي -صلى الله عليه وسلم- في تلك الحالة، وإنما صعد السطح لضرورة له كما في الرواية الآتية (فحانت منه التفاتة) كما في رواية للبيهقي من طريق نافع عن ابن عمر، نعم لما اتفقت له رؤيته في تلك الحالة عن غير قصد أحب أن لا يخلي ذلك من فائدة، فحفظ هذا الحكم الشرعي، وقد دل ذلك على شدة حرص الصحابيّ على تتبع أحوال النبي -صلى الله عليه وسلم- ليتبعها، وكذلك كان -رضي الله عنه-.

وقال في العمدة: وقعت منه تلك الرؤية اتفاقاً من غير قصد لذلك، فنقَلَ ما رآه.

وقال الكرماني: يحتمل أن يكون ابن عمر قَصدَ ذلك، ورأى رأسه دون ما عداه من بدنه، ثم تأمل قعوده، فعرف كيف هو جالس ليستفيد فعله، فنقل ما شاهد.

(وبوله في طريقٍ، وظلٍ نافع).

أي: ويحرم على قاضي الحاجة أن يقضي حاجته في طريق أو في ظل نافع.

أ-لحديث أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ، قَالُوا وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الَّذِى يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِم) رواه مسلم.

قال النووي: وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ (اِتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ) وَالرِّوَايَتَانِ صَحِيحَتَانِ، قَالَ الْإِمَام أَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيُّ: الْمُرَاد بِاللَّاعِنَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْجَالِبَيْنِ لِلَّعْنِ الْحَامِلَيْنِ النَّاس عَلَيْهِ وَالدَّاعِيَيْنِ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُمَا شُتِمَ وَلُعِنَ، يَعْنِي عَادَة النَّاس لَعْنه، فَلَمَّا صَارَا سَبَبًا لِذَلِكَ أُضِيف اللَّعْن إِلَيْهِمَا. قَالَ: وَقَدْ يَكُون اللَّاعِن بِمَعْنَى الْمَلْعُون، وَالْمَلَاعِن مَوَاضِع اللَّعْن، قُلْت: فَعَلَى هَذَا يَكُون التَّقْدِير: اِتَّقُوا الْأَمْرَيْنِ الْمَلْعُون فَاعِلهمَا، وَهَذَا عَلَى رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ. وَأَمَّا رِوَايَة مُسْلِم فَمَعْنَاهَا - وَاَللَّه أَعْلَم - اِتَّقُوا فِعْل اللَّعَّانَيْنِ أَيْ: صَاحِبَيْ اللَّعْن،

وَهُمَا اللَّذَانِ يَلْعَنهُمَا النَّاس فِي الْعَادَة. وَاَللَّه أَعْلَم. (شرح مسلم).

ب-ولما في ذلك من إيذاء المسلمين، وإيذاء المسلمين حرام، كما قال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً).

<<  <  ج: ص:  >  >>