للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن جاء ما يدل على الجواز في البنيان.

وهو حديث ابن عمر قال (ارتقيت على بيت حفصة فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة). متفق عليه

وعند أبي داود عن مروان الأصفر قال (رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، أليس قد نهي عن هذا؟ قال: بلى، إنما نهي عن هذا في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس). رواه أبو داود

وجه الدلالة: أنه تفسير من الصحابي (ابن عمر) لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العام، وفيه جمع بين الأحاديث فيتعين المصير إليه.

وذهب بعض العلماء: إلى أنه يحرم مطلقاً في الفضاء والبنيان، الاستقبال والاستدبار.

وهذا قول أبي أيوب الأنصاري، ومجاهد، والنخعي، والثوري، وابن حزم ورجحه ابن تيمية وابن القيم والشوكاني.

أ-لحديث أبي أيوب السابق (لَا تَسْتَقْبِلُوا اَلْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا).

ب-ولحديث سلمان السابق (لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نَسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ) رواه مسلم.

ج- ولحديث أبي هريرة. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها) رواه أبو داود.

فهذه الأحاديث صريحة في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها، والأصل في النهي التحريم، وهو عام في الفضاء والبنيان.

• وأجاب هؤلاء عن حديث ابن عمر (ارتقيت يوماً بيت حفصة … ) بعدة أجوبة:

أ-أنه فعل، وحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- قول، والقول أقوى من الفعل.

ب-أن الفعل يحتمل الخصوصية أو غيرها.

ج-أن هذا الفعل لو كان شرعاً لما تستر به.

فائدة: ذهب بعض العلماء إلى الجواز مطلقاً.

قال النووي: وهذا مذهب عروة بن الزبير، وربيعة شيخ مالك، وداود الظاهري. واستدلوا:

أ- بحديث ابن عمر السابق قال (ارتقيت على بيت حفصة فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة).

ب- وبحديث جابر. قال (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها) رواه الترمذي.

وجه الدلالة من الحديثين: أنهما ناسخان لأحاديث النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة.

• قوله (لَا تَسْتَقْبِلُوا اَلْقِبْلَةَ) أي: الكعبة.

• قوله (وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) قال النووي: قال العلماء: هذا خطاب لأهل المدينة ومن في معناهم، بحيث إذا شرق أو غرب لا يستقبل الكعبة ولا يستدبرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>