أ- أن اللعن إنما هو للمكثرات من الزيارة بدلالة قوله (زوّارات)، وهذا لا يتناول الزائرة من غير إكثار للزيارة.
قال القرطبي: هذا اللعن إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصفة من المبالغة، ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج، وما ينشأ منهن من الصياح ونحو ذلك.
وقال الشوكاني بعد سياق كلام القرطبي: وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر.
لكن يجاب عن هذا:
أولاً: أنه قد ورد في حديث ابن عباس لفظ (زائرات)، وفي هذا اللفظ زيادة علم، حيث إنه يصدق على الزائرة مرة واحدة فيؤخذ به.
ثانياً: أن لفظ (الزوّارات) قد يكون لتعددهن، كما يقال: فتحت الأبواب، إذا لك باب فتح يخصه.
ب- وأجابوا أيضاً: أن هذه الأحاديث التي فيها لعن زوارات القبور محمولة على ما إذا كانت زيارتهن لتجديد الحزن والتعديد والبكاء والنوح، وأما إذا كانت الزيارة للاعتبار من غير نوح ولا تعديد فلا يحرم عليهن ذلك.
لكن يجاب عن هذا:
أولاً: أن هذا التأويل أو الحمل للحديث لا دليل عليه.
ثانياً: أن زيارة النساء إذا كانت مظنة وسبباً للأمور المحرمة - والحكمة هنا غير مضبوطة - فإنه لا يمكن أن يحد المقدار الذي يفضي إلى ذلك، ولا التمييز بين نوع ونوع، ومن أصول الشريعة، أن الحكمة إذا كانت خفية، أو غير منتشرة، علق الحكم بمظنتها فيحرم هذا الباب سداً للذريعة.