واعترض على الاستدلال بالحديثين بما يلي:
أنها واقعة حال، لا عموم لها، فيجوز كونها قبل تحريم الكلام في الصلاة، أو فعله خوفاً من الله أو من النار، فإن ذلك لا يبطل كالتأوه والأنين.
وأجيب عن هذا الاعتراض بما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: الجوابان ضعيفان. أما الأول فإن صلاة الكسوف كانت في آخر حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم مات ابنه إبراهيم، وإبراهيم كان من مارية القبطية، ومارية أهداها المقوقس بعد أن أرسل إليه المغيرة، وذلك بعد صلح الحديبية، فإنه بعد الحديبية أرسل رسله إلى الملوك، ومعلوم أن الكلام حرم قبل هذا باتفاق المسلمين.
وهذا القول هو الراجح.
• الانتحاب: وهو رفع الصوت بالبكاء، فهذا له أحوال:
أولاً: إذا غلبت هذه الأمور على المصلي.
فإنها لا تبطل صلاته في قول جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (فأما ما يغلب عليه المصلي من عطاس وبكاء وتأوه فالصحيح عند جمهور العلماء أنه لا يبطل وهو منصوص أحمد وغيره).
والدليل على أنها لا تبطل الصلاة:
أنها إذا غلبت تكون غير داخلة في وسع الإنسان إذ لا يمكنه دفعها، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
ثانياً: إن كانت لم تغلب على المصلي لكن كانت لخشية الله.
[فقد اختلف فيها العلماء على قولين]
[الأول: أنها لا تبطل الصلاة.]
وهو قول أبي حنيفة ومالك، وأحمد في الصحيح من المذهب.
أ- لقول الله تعالى (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) حيث مدح الله الباكين.
ب- وعن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال (رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي ولصدره أزيز، من البكاء) وفي رواية عند أبي داود: كأزيز الرحى).