القول الثاني: جواز الجمع تقديماً وتأخيراً.
وهذا قول الجمهور.
قال في المغني: وهو قول أكثر أهل العلم.
وقال الخطابي: وقال كثير من أهل العلم: يجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما، إن شاء قدم العصر، وإن شاء أخر الظهر على ظاهر الأخبار المروية في هذا الباب، وهذا قول ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، وسالم بن عبد الله، وطاوس، ومجاهد.
وبه قال الفقهاء: الشافعي، وإسحاق، وقال أحمد بن حنبل: وإن فعل لم يكن به بأس.
وقال البغوي: فذهب كثير من أهل العلم إلى جوازه.
وقال في نيل الأوطار: ذهب إلى جوازه كثير من الصحابة والتابعين.
وقال البيهقي: الجمع بين الصلاتين بعذر السفر من الأمور المشهورة المستعملة ما بين الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم- أجمعين.
فهو قول الشافعي وأحمد.
أ-لحديث أَنَس قال (كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا اِرْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ اَلشَّمْسُ أَخَّرَ اَلظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ اَلْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتْ اَلشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى اَلظُّهْرَ، ثُمَّ رَكِبَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وهذا الحديث بهذا السياق (صلى الظهر ثم ركب) يدل على أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يجمع بين الصلاتين في وقت الأولى جمع تقديم، وإنما في وقت الثانية.
ب- وعنْ مُعَاذٍ -رضي الله عنه- قَالَ (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ يُصَلِّي اَلظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ج- وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ (كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَجْمَعُ بَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ) رواه البخاري.
د- وعن ابن عمر قَالَ (كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْر) متفق عليه.
هـ-ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع في عرفة ومزدلفة.
و-وعن ابن عباس: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر، قيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته) رواه مسلم.