ج- وعن ابْن عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلَا يَحْلِفْ إِلاَّ بِاللَّهِ). وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَحْلِفُ بِآبَائِهَا فَقَالَ (لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ) رواه مسلم.
د-وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَا تَحْلِفُوا بِالطَّوَاغِى وَلَا بِآبَائِكُم) رواه مسلم.
هـ- وعن ابن عمر. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) رواه أبوداود.
د- وعن ابن مسعود قال (لأن أحلف بالله كاذباً أحب إليّ أن أحلف بغيره صادقاً) رواه عبدالرزاق.
لأن الحلف بغير الله شرك، والحلف بالله محرم إذا كان الحالف كاذباً.
قال ابن عبد البر: لا يجوز الحلف بغير الله إجماعاً.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما الحلف بغير الله من الملائكة والأنبياء والمشايخ والملوك وغيرهم فإنه منهي عنه غير منعقد باتفاق الأئمة.
قال ابن القيم: ومن الكبائر- الحلف بغير الله، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من حلف بغير الله، فقد أشرك)، وقد قصّر ما شاء أن يقصر من قال: إن ذلك مكروه، وصاحب الشرع يجعله شركا؛ فرتبته فوق رتبة الكبائر. (إعلام الموقعين).
فائدة: ١
لماذا خص حديث عمر النهي عن الحلف بغير الله بالآباء؟
وإنما خصّ في حديث عمر بالآباء؛ لوروده على سبب، وهو أنه -صلى الله عليه وسلم- مرّ به، وهو يحلف بأبيه، فقال له ذلك.
أو خصّ لكونه غالبًا عليهم، كما بيّنه في رواية (وكانت قريش تحلف بآبائها) ويدلّ على التعميم قوله: من كان حالفًا، فلا يحلف إلا باللَّه.
فائدة: ٢
ما الحكمة من النهي عن الحلف بغير الله؟
لأن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده.
قال ابن حجر: قال العلماء: السر في النهي عن الحلف بغير الله أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة في الحقيقة لله وحده.
وقال ابن قدامة: وَلِأَنَّ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ، فَقَدْ عَظَّمَ غَيْرَ اللَّهِ تَعْظِيمًا يُشْبِهُ تَعْظِيمَ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَلِهَذَا سُمِّيَ شِرْكًا؛ لِكَوْنِهِ أَشْرَكَ غَيْرَ اللَّهِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَعْظِيمِهِ بِالْقَسَمِ بِهِ.