[وجه الدلالة]
أولاً: أن الله عز وجل صرح بأن الذين يزنون ومن ذكر معهم، إن تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات، فإن الله يتوب عليهم، ويبدل سيئاتهم حسنات.
ثانياً: إن القرآن الكريم ذكر أنه تقبل التوبة من الشرك وهو أعظم الذنوب، فلأن يقبل التوبة من الزنا من باب أولى وأحرى.
القول الثاني: أن الزانية التائبة لا تحل لمن زنا بها أبداً.
وهو مروي عن ابن مسعود، والبراء، وعائشة.
والقول الأول أصح.
قال ابن قدامة: ويحتمل أنهم أرادوا بذلك ما كان قبل التوبة، أو قبل استبرائها، فيكون كقولنا.
فأما تحريمها على الإطلاق فلا يصح؛ لقوله تعالى (وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم).
ولأنها محللة لغير الزاني، فحلت له، كغيرها. (المغني).
قال الشنقيطي: اعْلَمْ أَنَّ أَظْهَرَ قَوْلَيْ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدِي أَنَّ الزَّانِيَةَ وَالزَّانِيَ إِنْ تَابَا مِنَ الزِّنَا وَنَدِمَا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمَا وَنَوَيَا أَنْ لَا يَعُوَدَا إِلَى الذَّنْبِ، فَإِنَّ نِكَاحَهُمَا جَائِزٌ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا بَعْدَ تَوْبَتِهِمَا، وَيَجُوزَ نِكَاحُ غَيْرِهِمَا لَهُمَا بَعْدَ التَّوْبَةِ; لِأَنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. (أضواء البيان).
فائدة: ٢
كيفية توبة الزانية:
اختلف العلماء في كيفية توبتها على قولين:
القول الأول: أن توبة الزانية كتوبة غيرها، وتكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إلى الذنب.
وهذا هو قول الجمهور.
[القول الثاني: أن تراود على الزنا فتمتنع.]
وهو مروي عن عمر، وابنه، وابن عباس، وهو المشهور من مذهب الحنابلة.
ودليلهم ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قيل له: "كيف تعرف توبتها؟ قال: يريدها على ذلك، فإن طاوعته فلم تتب، وإن أبت فقد تابت.
والراجح القول الأول.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute