للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثاله: رجل معه خبزة وهو جائع وصاحبه جائع، وليس معه خبز، فالصاحب محتاج إلى عين مال الغير، لكن الغير - أيضاً - محتاج إليه، ففي هذه الحال لا يحل للصاحب أن يأخذ مال الغير؛ لأن صاحبه أحق به منه. (الشرح الممتع).

ولكن هل يجوز لصاحبه أن يؤثره أو لا؟

لا يجوز له إيثاره على نفسه، لأن ذلك يعتبر قتلاً للنفس وهو محرم.

وقال الشيخ ابن عثيمين: المذهب أن الإيثار في هذه الحال لا يجوز، وقد سبق لنا قاعدة في ذلك، وهي أن الإيثار بالواجب غير جائز، ومن أمثلتها في باب التيمم إذا كان الإنسان ليس معه من الماء إلا ما يكفي لطهارته، ومعه آخر يحتاج إلى ماءٍ فلا يعطيه إياه والثاني يتيمَّم؛ لأن هذا إيثار بالواجب، والإيثار بالواجب حرام.

وعلى هذا فإذا كان صاحب الطعام محتاجاً إليه، يعني مضطراً إليه كضرورة الصاحب فإنه لا يجوز أن يؤثر به الصاحب؛ لأن هذا يجب عليه أن ينقذ نفسه، وقد قال النبي -عليه السلام- (ابدأ بنفسك) فلا يجوز أن يؤثر غيره؛ لوجوب إنقاذ نفسه من الهلكة قبل إنقاذ غيره، هذا هو المشهور من المذهب. (الشرح الممتع).

(وإن كان مستغنيًا عنه أخذَهُ منه بثمنهِ).

أي: وإن كان صاحب الطعام غير مضطر له لزمه بذله للمضطر.

لأن فيه إنقاذ حياة آدمي معصوم فلزمه بذله.

قال تعالى (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا).

ففي هذه الآية دليل على أن إنقاذ النفس من أسباب الهلاك كأنه إحياء للناس جميعاً.

قال النووي: إذا لم يكن المالك مضطراً فيلزمه إطعام المضطر مسلماً أو ذمياً أو مستأمناً.

- وعلى آكل طعام الغير عند الضرورة ضمان ما أكل.

وهذا قول الجمهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>