للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب السلم]

[مقدمة]

قال ابن قدامة: بَابُ السَّلَمِ: وَهُوَ أَنْ يُسْلِمَ عِوَضًا حَاضِرًا، فِي عِوَضٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ إلَى أَجَلٍ، وَيُسَمَّى سَلَمًا، وَسَلَفًا.

يُقَالُ: أَسْلَمَ، وَأَسْلَفَ، وَسَلَّفَ.

وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ، يَنْعَقِدُ بِمَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ، وَبِلَفْظِ السَّلَمِ وَالسَّلَفِ، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ مِنْ الشُّرُوطِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْبَيْعِ.

وَهُوَ جَائِزٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.

أَمَّا الْكِتَابُ: فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ).

وَرَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونَ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَأَذِنَ فِيهِ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ.

وَلِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَصْلُحُ لِلسَّلَمِ، وَيَشْمَلُهُ بِعُمُومِهِ.

وَأَمَّا السُّنَّةُ: ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسَلِّفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ: مَنْ أَسَلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ السَّلَمَ جَائِزٌ، وَلِأَنَّ الْمُثَمَّنَ فِي الْبَيْعِ أَحَدُ عِوَضَيْ الْعَقْدِ، فَجَازَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الذِّمَّةِ، كَالثَّمَنِ، وَلِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَرْبَابَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَالتِّجَارَاتِ يَحْتَاجُونَ إلَى النَّفَقَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَيْهَا؛ لِتَكْمُلَ، وَقَدْ تُعْوِزُهُمْ النَّفَقَةُ، فَجَوَّزَ لَهُمْ السَّلَمَ؛ لِيَرْتَفِقُوا، وَيَرْتَفِقُ الْمُسْلِمُ بِالِاسْتِرْخَاصِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>