للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فائد: ٥]

لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب العيد للناس على منبر على الراجح.

قال البخاري رحمه الله في "صحيحه" بَابُ الخُرُوجِ إِلَى المُصَلَّى بِغَيْرِ مِنْبَرٍ " انتهى

ثم روى عن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى المُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ، وَيُوصِيهِمْ، وَيَأْمُرُهُمْ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا: قَطَعَهُ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ: أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ " قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: " فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ - وَهُوَ أَمِيرُ المَدِينَةِ - فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا المُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ، فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ، فَجَبَذَنِي، فَارْتَفَعَ، فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ لَهُ: غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ، فَقَالَ أَبَا سَعِيدٍ: قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ، فَقُلْتُ: مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لَا أَعْلَمُ، فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلَاة).

قال ابن القيم: وَلَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ مِنْبَرٌ يَرْقَى عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ يُخْرِجُ مِنْبَرَ الْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَخْطُبُهُمْ قَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ، قَالَ جابر: " شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الصَّلَاةَ يَوْمَ الْعِيدِ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلَالٍ، فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ، وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ " مُتَّفَقٌ عَلَيْه. … (زاد المعاد).

وقال ابن رجب: وكان أكثر خطبه على المنبر في المسجد، إلا خطبه في العيدين وفي موسم الحج ونحو ذلك. (الفتح).

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هل يسن للإمام أن يخطب على منبر في صلاة العيد؟

فأجاب: " يرى بعض العلماء أنه سنة، لأن في حديث جابر -رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس فقال: (ثم نزل فأتى النساء) قالوا: والنزول لا يكون إلا من مكان عالٍ، وهذا هو الذي عليه العمل.

وذهب بعض العلماء إلى أن الخطبة بدون منبر أولى، والأمر في هذا واسع إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>