أما عائشة (أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُ ذَلِكَ -أَيْ: اَلنُّزُولَ بِالْأَبْطَحِ- وَتَقُولُ: إِنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِأَنَّهُ كَانَ مَنْزِلاً أَسْمَحَ لِخُرُوجِه).
وأما ابن عباس فقال (التحصيب ليس بشيء، وإنما منزل نزله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. متفق عليه.
والصحيح الأول.
فإن قيل: ما الجواب عن ما ورد عن عائشة وابن عباس؟
قال الحافظ: والحاصل أن من نفى أنه سنة كعائشة وابن عباس أراد أنه ليس من المناسك، فلا يلزم بتركه دم، ومن أثبته كابن عمر أراد
دخوله في عموم التأسي بأفعاله -صلى الله عليه وسلم- لا الإلزام بذلك.
[فائدة: ٢]
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ (دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْبَيْتَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَلَمَّا فَتَحُوا: كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ. فَلَقِيتُ بِلالاً، فَسَأَلَتْهُ: هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَ: نَعَمْ، بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ) متفق عليه.
قوله (دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْبَيْتَ) كان ذلك في عام الفتح كما وقع مبيّناً من رواية يونس بن يزيد عن نافع عن ابن عمر عند البخاري بزيادة فوائد. ولفظه: أقبل النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح من أعلى مكّة على راحلته.
فهذا الدخول كان في عام الفتح لا في حجة الوداع، كما في رواية:(أقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح … ).