للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: بَلْ كَانَ يَسْتَوْشِي الْحَدِيثَ وَيَجْمَعُهُ وَيَحْكِيهِ وَيُخْرِجُهُ فِي قَوَالِبِ مَنْ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ.

وَقِيلَ: الْحَدّ لَا يَثْبُتُ إلّا بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِبَيّنَةٍ وَهُوَ لَمْ يُقِرّ بِالْقَذْفِ وَلَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَإِنّهُ إنّمَا كَانَ يَذْكُرُهُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ يَذْكُرُهُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.

وَقِيلَ: حَدّ الْقَذْفِ حَقّ الْآدَمِيّ لَا يُسْتَوْفَى إلّا بِمُطَالَبَتِهِ وَإِنْ قِيلَ: إنّهُ حَقّ لِلّهِ فَلَا بُدّ مِنْ مُطَالَبَةِ الْمَقْذُوفِ وَعَائِشَةُ لَمْ تُطَالِبْ بِهِ ابْنَ أُبَيّ.

وَقِيلَ: بَلْ تَرَكَ حَدّهُ لِمَصْلَحَةٍ هِيَ أَعْظَمُ مِنْ إقَامَتِهِ كَمَا تَرَكَ قَتْلَهُ مَعَ ظُهُورِ نِفَاقِهِ وَتَكَلّمِهِ بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ مِرَارًا وَهِيَ تَأْلِيفُ قَوْمِهِ وَعَدَمُ تَنْفِيرِهِمْ عَنْ الْإِسْلَامِ فَإِنّهُ كَانَ مُطَاعًا فِيهِمْ رَئِيسًا عَلَيْهِمْ فَلَمْ تُؤْمَنْ إثَارَةُ الْفِتْنَةِ فِي حَدّهِ وَلَعَلّهُ تُرِكَ لِهَذِهِ الْوُجُوهِ كُلّهَا.

فجلد مسطح ابن أثاثة، وحمنة بنت جحش، وحسان بن ثابت، وهؤلاء من المؤمنين الصادقين تطهيراً لهم وتكفيراً. وترك عبد الله ابن أبي؛ إذاً: فليس هو من أهل ذاك.

والحافظ ابن حجر يقف على هذه الوجوه من الحكمة التي أبداها ابن القيم في ترك حد عبد الله ابن أبي فيتعقبه بأن الرواية قد وردت بإقامة الحد على عبد الله ابن أبي فيقول: وأبدى صاحب (الهدى) الحكمة في ترك الحد على عبد الله ابن أبي، وفاته أنه ورد ذكره أيضاً فيمن أقيم عليه الحد، ووقع ذلك في رواية أبي أويس عن الحسن بن زيد عن عبد الله ابن أبي بكر أخرجه الحاكم في (الإكليل).

[فائدة: ٤]

قال ابن قدامة: وإذا قال الرجل يا ولد الزنى، أو يا ابن الزانية: فهو قاذف لأمه.

فإن كانت حية: فهو قاذف لها دونه، لأن الحق لها.

ويعتبر فيها شروط الإحصان، لأنها المقذوفة.

وإن كانت أمه ميتة: فالقذف له؛ لأنه قَدْحٌ في نسبه. (الكافي).

<<  <  ج: ص:  >  >>