للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للحديث السابق.

قال ابن قدامة: إنما يُخَيَّرُ الْغُلَامُ [يعني: يخير بين أبويه إذا بلغ سبع سنوات] بِشَرْطَيْن:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْحَضَانَةِ، كَانَ كَالْمَعْدُومِ، وَيُعَيَّنُ الْآخَرُ.

الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ الْغُلَامُ مَعْتُوهًا، فَإِنْ كَانَ مَعْتُوهًا كَانَ عِنْدَ الْأُمِّ، وَلَمْ يُخَيَّرْ; لِأَنَّ الْمَعْتُوهَ بِمَنْزِلَةِ الطِّفْلِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا، وَلِذَلِكَ كَانَتْ الْأُمُّ أَحَقَّ بِكَفَالَةِ وَلَدِهَا الْمَعْتُوهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَلَوْ خُيِّرَ الصَّبِيُّ، فَاخْتَارَ أَبَاهُ، ثُمَّ زَالَ عَقْلُهُ، رُدَّ إلَى الْأُمِّ، وَبَطَلَ اخْتِيَارُهُ; لِأَنَّهُ إنَّمَا خُيِّرَ حِينَ اسْتَقَلَّ بِنَفْسِهِ، فَإِذَا زَالَ اسْتِقْلَالُهُ بِنَفْسِهِ، كَانَتْ الْأُمُّ أَوْلَى; لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَيْهِ، وَأَقْوَمُ بِمَصَالِحِهِ، كَمَا فِي حَالِ طُفُولِيَّتِهِ " انتهى

[فائدة: ١]

قال العلماء: إذا كان بين الأبوين فرق فلا اعتبار باختيار الطفل في هذه الحالة، لأن الطفل قد يؤثر البطالة واللعب، فربما يختار من يجد عنده اللعب والتساهل والعبث، فلا يعرف مصلحة نفسه.

قال ابن القيم رحمه الله: وسمعت شيخنا رحمه الله - أي: ابن تيمية - يقول: تنازع أبوان صبيّاً عند بعض الحكام، فخيَّره بينهما فاختار أباه، فقالت له أمه: سله لأي شيء يختار أباه فسأله، فقال: أمي تبعثني كل يوم للكتَّاب والفقيه يضربني، وأبي يتركني للعب مع الصبيان، فقضى به للأم قال: أنت أحق به

[فائدة: ٢]

قالوا: وإن خير فلم يختر فإنه يقرع بينهما. أو اختارهما معاً، فإنه يقرع بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>