للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي البخاري: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ (أَخَذَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمَنْكِبِي فَقَالَ كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ).

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ.

قال النووي في شرح الحديث: معناه: لا تركن إلى الدنيا ولا تتخذها وطناً، ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها، ولا بالاعتناء بها، ولا تتعلق منها إلا بماء يتعلق به الغريب في غير وطنه، ولا تشتغل فيها بما لا يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله. … (رياض الصالحين)

ففي هذا الحديث التزهيد في الدنيا، وأنه لا ينبغي للإنسان أن يتخذها وطناً يركن إليها، وهذا الحديث أصل في قصر الأمل في الدنيا، وأن المؤمن ينبغي أن يكون فيها كأنه على جناح سفر.

[فائدة]

وليحذر المسلم من طول الأمل.

قال رسول الله (لا يزال قلب الكبير شابّاً في اثنتين: في حبّ الدّنيا وطول الأمل).

يتولد من طول الأمل:

الكسلُ عن الطاعة، والتسويفُ بالتوبة، والرغبةُ في الدنيا، والنسيانُ للآخرة، والقسوة في القلب؛ لأن رقته وصفاءه إنما يقع بتذكر الموت، والقبر، والثواب، والعقاب، وأهوال يوم القيامة؛ كما قال تعالى (فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ).

<<  <  ج: ص:  >  >>