للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وأما اللعان: فإذا رمى الرجل زوجته بالزنى فعليه حد القذف ثمانون جلدة إلا أن يقيم البينة: أربعة شهود فيقام عليها الحد، أو يلاعن فيسقط عنه حد القذف).

الاصل أن من قذف شخصاً بالزنا أن يأتي ببينة وإلا جلد ثمانين جلدة.

لقوله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً).

واللعان خارج عن هذا الأصل، لأن الزوج لا يمكن أن يقذف زوجته إلا وهو متأكد من ذلك، ولأنه لا يمكن أن يدنس فراشه.

فمن قذف زوجته بالزنا فله أحوال:

الأولى: أن يأتي ببينة - وهي أربعة شهود على صحة دعواه - لحديث ابن عباس الآتي (أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: الْبَيِّنَةَ، أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ) فإذا أقام البينة أقيم على المرأة حد الزنا.

الثانية: ألا يكون هناك بيّنة، ولكن تقر هي بذلك، فيقام عليها حد الزنا.

الثالثة: أن لا يكون بيّنة ولا إقرار، فيقام عليه حد القذف، لعموم آية القذف (والذين يرمون المحصنات … ) ولحديث ابن عباس المتقدم، إلا أن يُسقط حد القذف باللعان.

فإذا لا عن ولا عنت ثبت اللعان وله أحكام ستأتي إن شاء الله.

-فإن نكل الزوج عن اللعان فعليه حد القذف.

لقوله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ).

قال ابن قدامة: إذَا قَذَفَ زَوْجَتَهُ الْمُحْصَنَةَ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَحُكِمَ بِفِسْقِهِ، وَرَدِّ شَهَادَتِهِ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ يُلَاعِنَ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ، أَوْ امْتَنَعَ مِنْ اللِّعَانِ، لَزِمَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ.

وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ.

أ-لقَوْلُه تعالى (وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) وَهَذَا عَامٌّ فِي الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الزَّوْجَ بِأَنْ أَقَامَ لِعَانَهُ مَقَامَ الشَّهَادَةِ، فِي نَفْيِ الْحَدِّ وَالْفِسْقِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>