[القول الثاني: أن الدين لا يمنع الزكاة.]
واختاره الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين.
لعموم الأدلة في وجوب الزكاة في كل مال بلغ النصاب.
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يبعث السعاة إلى أصحاب المزارع ولم يستفصل عليه الصلاة والسلام، مع أن الغالب أن عليهم ديون.
وهذا القول هو الصحيح.
(ومنْ ماتَ وعليهِ زكاةٌ أخذتْ من تركتهِ).
أي: إذا مات الإنسان وعليه زكاة، فإنه يجب أن تخرج من تركته إن كان ترك مالاً ولو لم يوص، وتقدم على الوصية والورثة.
لأن الديْن مقدم على الوصية والورثة.
وفي الحديث قال -صلى الله عليه وسلم- (فدين الله أحق أن يقضى).
فلا يستحق صاحب الوصية شيئاً إلا بعد أداء الزكاة، وكذلك لا يستحق الوارث شيئاً إلا بعد أداء الزكاة.
قال ابن قدامة: وَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ، وَتُخْرَجُ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا.
هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ.
لأَنَّهَا حَقٌّ وَاجِبٌ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ، فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ، كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ.
وَلِأَنَّهَا حَقٌّ مَالِيٌّ وَاجِبٌ فَلَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، كَالدَّيْنِ، وَيُفَارِقُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ، فَإِنَّهُمَا عِبَادَتَانِ بَدَنِيَّتَانِ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِمَا، وَلَا النِّيَابَةُ فِيهِمَا. (المغني).
جاء في (الموسوعة الفقهية) حُكْمُ مَنْ تَرَكَ إِخْرَاجَ الزَّكَاةِ حَتَّى مَاتَ:
مَنْ تَرَكَ الزَّكَاةَ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إِخْرَاجِهَا، حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهَا أَثِمَ إِجْمَاعًا.
ثُمَّ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ إِلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ لَمْ يُؤَدِّهَا فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِالْمَوْتِ كَسَائِرِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّةِ، وَمِنْهَا الْحَجُّ وَالْكَفَّارَاتُ، وَيَجِبُ إِخْرَاجُهَا مِنْ مَالِهِ سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ.
وَتُخْرَجُ مِنْ كُل مَالِهِ لأِنَّهَا دَيْنٌ لِلَّهِ، فَتُعَامَل مُعَامَلَةَ الدَّيْنِ، وَلَا تُزَاحِمُ الْوَصَايَا فِي الثُّلُثِ؛ لأِنَّ الثُّلُثَ يَكُونُ فِيمَا بَعْدَ الدَّيْنِ. وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الْمَال، فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ كَدَيْنِ الآْدَمِيِّ. (الموسوعة).