للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدة: ١

جاء في رواية (وَكَانَ اِبْن عُمَر إِذَا قَامَ لَهُ رَجُل عَنْ مَجْلِسه لَمْ يَجْلِس فِيهِ)

قال النووي: فَهَذَا وَرَع مِنْهُ، وَلَيْسَ قُعُوده فِيهِ حَرَامًا إِذَا قَامَ بِرِضَاهُ، لَكِنَّهُ تَوَرَّعَ عَنْهُ لِوَجْهَيْنِ:

أحَدهمَا: أَنَّهُ رُبَّمَا اِسْتَحَى مِنْهُ إِنْسَان فَقَامَ لَهُ مِنْ مَجْلِسه مِنْ غَيْر طِيب قَلْبه، فَسَدَّ اِبْن عُمَر الْبَاب لِيَسْلَم مِنْ هَذَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْإِيثَار بِالْقُرْبِ مَكْرُوه أَوْ خِلَاف الْأَوْلَى، فَكَانَ اِبْن عُمَر يَمْتَنِع مِنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَرْتَكِب أَحَد بِسَبَبِهِ مَكْرُوهًا، أَوْ خِلَاف الْأَوْلَى بِأَنْ يَتَأَخَّر عَنْ مَوْضِعه مِنْ الصَّفّ الْأَوَّل وَيُؤْثِرهُ بِهِ وَشِبْه ذَلِكَ. قَالَ أَصْحَابنَا: وَإِنَّمَا يُحْمَد الْإِيثَار بِحُظُوظِ النُّفُوس وَأُمُور الدُّنْيَا دُون الْقُرْب.

فائدة: ٢

المذهب أنه يجوز أن يقيم الصغير، ويجلس مكانه، ولكن الصحيح أنه لا يجوز أن يقيم الصغير لما يلي:

أولاً: لعموم النهي (لا يقيم الرجل أخاه).

ثانياً: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به).

وهذا الصبي سابق فلا يجوز لنا أن نهدر حقه، وأن نظلمه ونقيمه.

ودليل المذهب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) وهذا استناد إلى غير مستند؛ لأن المراد بقوله -صلى الله عليه وسلم- (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) حث أولي الأحلام والنهى أن يتقدموا، ولو قال (لا يلني منكم إلا أولو الأحلام) لكان لنا الحق أن نقيم الصغير. (الشرح الممتع).

(وكُرهَ إيثارُ غيرهِ بمكانهِ).

أي: يكره له أن يجعل ويؤثر آخر مكانه، فلا إيثار في القربات والطاعات، حتى ذكرها بعض العلماء قاعدة (لا إيثار في القرب).

لأن هذا يدل على رغبته عن هذه الطاعة وزهده فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>