فإن قال قائل: ما الجواب عن الحديث الذي فيه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نام وأصحابه عن صلاة الفجر ولم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس، فلم يصلها -صلى الله عليه وسلم- مباشرة بل قال (تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة) وفي رواية: (أمر بالارتحال وقال: فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان).
والجواب: أن هذا ليس فيه دلالة على التأخير المستمر، لأن حديث أنس:(من نام عن صلاة … ) نص صريح في الوجوب على الفور، وأما هذا الحديث فمحمول على التأخير اليسير الذي لا يصير صاحبه مهملاً معرضاً عن القضاء، وخاصة أنه جاء في الحديث بيان السبب، هو:(أن هذا مكان حضرنا فيه الشيطان).
قال المرداوي: قوله (لزمه قضاؤها على الفور) مقيد بما إذا لم يتضرر في بدنه أو في معيشة يحتاجها؛ فإن تضرر بسبب ذلك: سقطت الفورية.
• متى يسقط الترتيب؟
أولاً: في حالة النسيان.
مثال: إنسان عليه قضاء صلاة الظهر والعصر والمغرب، فبدأ بالعصر نسياناً صح القضاء.
لقوله تعالى (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا).
ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) رواه ابن ماجه.
وهو مذهب الإمامين أبي حنيفة وأحمد رحمه الله.
ثانياً: الجهل.
مثال: إنسان عليه عدة صلوات فائتة، فبدأ بالظهر ثم المغرب ثم العصر ثم العشاء ثم الفجر جاهلاً بذلك فقضاؤه صحيح.
ثالثاً: إذا خشي خروج وقت الحاضرة.
مثال: رجل ذكر أن عليه فائتة، وقد بقي على طلوع الشمس ما لا يتسع لصلاة الحاضرة [صلاة الفجر].
فنقول له: قدم الحاضرة وهي الفجر. ثم بعد ذلك صلِ الفائتة.