فلما فتح الله عليه وكثر عنده المال صار يقضي الدين بما فتح الله عليه عن الأموات، ولو كان قضاء الدين عن الميت من الزكاة جائزاً لفعله -صلى الله عليه وسلم-.
ثالثاً: أنه لو فتح هذا الباب لعطل قضاء ديون كثير من الأحياء، لأن العادة أن الناس يعطفون على الميت أكثر مما يعطفون على الحي، والأحياء أحق بالوفاء من الأموات.
رابعاً: أن الميت إذا كان قد أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، وإن أراد إتلافها فالله قد أتلفه ولم ييسر له تسديد الدين.
خامساً: أن ذمة الميت قد خربت بموته، فلا يسمى غارماً.
سادساً: أن فتح هذا الباب يفتح باب الطمع والجشع من الورثة، فيمكن أن يجحدوا مال الميت ويقولوا: هذا مدين. انتهى.
أي: يسن للإنسان أن يدفع زكاته إلى أقاربه الذين لا تلزمه مؤونته، كعمته، وخالته، وهكذا.
أ- عن سلْمان بن عامرٍ -رضي الله عنه-، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال (الصَّدقَةُ عَلَى المِسكِينِ صدقَةٌ، وعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ وصِلَةٌ). رواه الترمذي
ب- وقال -صلى الله عليه وسلم- لامرأة ابن مسعود ( … لَها أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ) رواه مسلم.
قال الشيخ ابن عثيمين: يجوز أن تدفع زكاة الفطر وزكاة المال إلى الأقارب الفقراء، بل إنَّ دفعَها إلى الأقارب أولى من دفعها إلى الأباعد؛ لأن دفعَها إلى الأقارب صدقةٌ وصلةٌ، لكن بشرط ألا يكون في دفعها حمايةُ ماله، وذلك فيما إذا كان هذا الفقير تجب عليه نفقته أي على الغني، فإنه في هذه الحال لا يجوز له أن يدفع حاجته بشيء من زكاته، لأنه إذا فعل ذلك فقد وفر ماله بما دفعه من الزكاة، وهذا لا يجوز ولا يحل.