للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: لا يجوز فعلها إلا في المسجد.

لحديث أبي هريرة السابق ( … لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْتَطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ اَلنَّاسَ .. ).

وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- همّ بتحريق المتخلفين ولم يستفصل هل كانوا يصلون في بيوتهم جماعة أم لا.

ورجح هذا القول ابن القيم.

قال رحمه الله: والذي ندين الله به أنه لا يجوز لأحد التخلف عن الجماعة في المسجد إلا من عذر، والله أعلم بالصواب.

وقال الشيخ السعدي: والصواب وجوب فعلها في المسجد، لأن المسجد شعارها، ولأنه -صلى الله عليه وسلم- همّ بتحريق المتخلفين عنها ولم يستفصل، هل كانوا يصلون في بيوتهم جماعة أم لا، ولأنه لو جاز في غير المسجد لغير حاجة، لتمكن المتخلف عنها والتارك لها من الترك، وهذا محذور عظيم.

فائدة:

حديث (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) حديث ضعيف.

(على من سمِعَ النداء).

أي: من يسمع النداء فعليه الإجابة.

لحديث أبي هريرة. قال (أَتَى اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى اَلْمَسْجِدِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: "هَلْ تَسْمَعُ اَلنِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ? " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَأَجِبْ) رَوَاهُ مُسْلِم.

فقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث الأعمى (هل تسمع النداء) دليل على أن من سمع النداء فعليه الإجابة إذا كان منزله بعيداً، وأنه إذا لم يسمع النداء فله رخصة أن يصلي في بيته، والمعول عليه في سماع النداء بدون مكبر الصوت، لأمرين:

الأول: أن مكبر الصوت لا ينضبط، فقد يكون قوياً فيرسل لمسافات بعيدة جداً.

ثانياً: أنه لو علق الأمر بمكبر الصوت، لحصل للناس مشقة، لأن مكبر الصوت ينادي من مسافة بعيدة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله - في سؤال عن جماعة خرجوا إلى ضواحي المدينة للنزهة، وسمعوا الأذان من أطراف المدينة، فهل تلزمهم الصلاة في المسجد، أو يصلون في مكانهم.

قال: الظاهر أن هؤلاء لا تلزمهم صلاة الجماعة في المسجد إذا كانوا إنما يسمعون صوت المؤذن بواسطة مكبر الصوت، وأنه لولا المكبر ما سمعوا، لأن هذا السماع غير معتاد ولا ضابط له.

<<  <  ج: ص:  >  >>