وذهب بعض العلماء: أن الوالد إذا مات وقد فضّل بعض أولاده بعطية فإنها لا تثبت له، وللباقين الرجوع.
واختاره ابن تيمية.
وبهذا قال الظاهرية.
لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- سَمَّى ذَلِكَ جَوْرًا بِقَوْلِهِ (لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ) وَالْجَوْرُ حَرَامٌ لَا يَحِلُّ لِلْفَاعِلِ فِعْلُهُ، وَلَا لِلْمُعْطَى تَنَاوُلُهُ.
وَالْمَوْتُ لَا يُغَيِّرُهُ عَنْ كَوْنِهِ جَوْرًا حَرَامًا، فَيَجِبُ رَدَّهُ.
وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَمَرَا قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ، أَنْ يَرُدَّ قِسْمَةَ أَبِيهِ حِينَ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ، وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهِ، وَلَا أَعْطَاهُ شَيْئًا، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ سَعْد. (المغني).
وهذا الراجح.
[فائدة]
ذهب بعض العلماء إلى أن التفضيل إذا كان لسبب شرعي، فإنه يجوز.
واختار هذا القول ابن قدامة، وابن تيمية.
واستدل هؤلاء بما رواه مالك في الموطأ بسنده عن عائشة رضي الله عنهما الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ نَحَلَهَا جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ وَلَا أَعَزُّ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي مِنْكِ وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا أَبَتِ وَاللَّهِ لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْتُهُ إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ فَمَنْ الأُخْرَى فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ذُو بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ أُرَاهَا جَارِيَة). قال ابن حجر في الفتح (٥/ ٢١٥) إسناده صحيح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute