وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الدم الكثير الخارج من غير السبيلين لا ينقض الوضوء، سواء خرج من الأنف أو من جرح أو من الرأس، أو من أي مكان من البدن، إلا ما خرج من السبيلين، وذلك لأنه لا دليل على أن خروج الدم من غير السبيلين ينقض الوضوء.
(وزوال العقل إلا النوم اليسير جالساً أو قائماً).
أي: ومن نواقض الوضوء زوال العقل، وزوال العقل ينقسم إلى قسمين:
أولاً: زواله بالكلية، وهذا بالجنون.
ثانياً: زواله بمعنى تغطيته لوجود عارض لمدة معينة، كنوم أو إغماء، أو سكر ونحو ذلك.
• فأما زواله بالجنون، أو الإغماء أو السكر، فهو ناقض للوضوء قليله وكثيره.
وهذا بالإجماع، لأن هذا فقد للعقل، ولأنه لو نُبِّه لم ينتبه.
قال ابن قدامة: … فَأَمَّا غَيْرُ النَّوْمِ، وَهُوَ الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاء وَالسُّكْرُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ الْمُزِيلَةِ لِلْعَقْلِ، فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ يَسِيرُهُ وَكَثِيرُهُ إجْمَاعًا، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ هَؤُلَاءِ حِسُّهُمْ أَبْعَدُ مِنْ حِسِّ النَّائِمِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَا يَنْتَبِهُونَ بِالِانْتِبَاهِ، فَفِي إيجَابِ الْوُضُوءِ عَلَى النَّائِمِ تَنْبِيهٌ عَلَى وُجُوبِهِ بِمَا هُوَ آكَدُ مِنْهُ. (المغني)
وقال النووي: أجمعت الأمة على انتقاض الوضوء بالجنون وبالإغماء، وقد نقل الإجماع فيه ابن المنذر وآخرون. (المجموع).
وسُئل الشيخ ابن عثيمين: هل ينتقض الوضوء بالإغماء؟
فأجاب: نعم، ينتقض الوضوء بالإغماء، لأن الإغماء أشدُّ من النوم، والنوم يَنقض الوضوء إذا كان مستغرقاً، بحيث لا يدري النائم لو خرج منه شيء، أمّا النوم اليسير الذي لو أحدث النائم لأحسُّ بنفسه، فإن هذا النوم لا ينقض الوضوء، سواء من مُضطجع أو قاعد متكئ أو قاعد غير متكئ، أو أي حال من الأحوال، ما دام لو أحدث أحسَّ بنفسه، فإنه نومه لا ينقض الوضوء، فالإغماء أشد من النوم فإذا أُغمي على الإنسان، فإنه يجب عليه الوضوء.
• وأما النوم فقد اختلف العلماء فيه على أقوال:
فذهب بعض العلماء: إلى أنه لا ينقض الوضوء بأي حال.