للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في (الموسوعة الفقهية) ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ: لَا يَحِل لِلشَّاهِدِ أَخْذُ الأْجْرَةِ عَلَى أَدَائِهِ الشَّهَادَةَ إِذَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ لأِنَّ إِقَامَتَهَا فَرْضٌ، قَال تَعَالَى (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) أَمَّا إِذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ، وَكَانَ مُحْتَاجًا، وَكَانَ أَدَاؤُهَا يَسْتَدْعِي تَرْكَ عَمَلِهِ وَتَحَمُّل الْمَشَقَّةِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى: عَدَمِ جَوَازِ أَخْذِ الأْجْرَةِ عَلَيْهَا، لَكِنْ لَهُ أُجْرَةُ الرُّكُوبِ إِلَى مَوْضِعِ الأْدَاءِ.

قَال تَعَالَى (وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ).

وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى: الْجَوَازِ؛ وَذَلِكَ لأِنَّ إِنْفَاقَ الإْنْسَانِ عَلَى عِيَالِهِ فَرْضُ عَيْنٍ، وَالشَّهَادَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَلَا يُشْتَغَل عَنْ فَرْضِ الْعَيْنِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ، فَإِذَا أَخَذَ الرِّزْقَ جَمَعَ بَيْنَ الأْمْرَيْنِ. وَلأِنَّ الشَّهَادَةَ وَهِيَ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أُجْرَةً كَمَا يَجُوزُ عَلَى كَتْبِ الْوَثِيقَةِ.

(وَلَا أَنْ يَشْهَدَ إِلاَّ بِمَا يَعْلَمُهُ).

أي: فلا يجوز أن يشهد أحد بالقرينة أو بغلبة الظن بل لا بد بما يعلمه يقيناً.

أ- لقوله تعالى (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).

قال المفسرون هنا: وهو يعلم ما شهد به؛ عن بصيرة وإيقان.

ب- ولأن الشهادة خبر عن أمر واقع فلا بد أن يعلم هذا الأمر الواقع.

ج- وقد جاء في الحديث عن ابن عباس (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل: ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع) رواه ابن عدي وهو ضعيف، لكن معناه صحيح، فهو يدل على أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد إلا على ما يعلمه يقيناً، كما تُعلم الشمس بالمشاهدة.

د- ويؤيد ذلك قوله تعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) فإن معنى الآية: النهي عن أن يقول الإنسان ما لا يعلم أو يعمل بما لا علم له به.

<<  <  ج: ص:  >  >>