للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو بمعنى آخر: أن هذا الحديث أثبت قسماً من الماء وهو الماء الطهور، وثبت الماء النجس بالإجماع، فهذان قسمان من الماء، أحدهما ثبت بحديث أبي سعيد، والآخر ثبت بالإجماع، وبقي الماء الطاهر لا دليل على ثبوته، فيكون الماء قسمين: طهوراً ونجساً ولا ثالث لهما.

قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الماء القليل أو الكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت النجاسة الماء طعماً أو لوناً أو ريحاً أنه نجس ما دام كذلك.

وهذا القول هو الراجح.

(طهور: وهو الباقي على خلقتهِ).

هذا النوع الأول: الطهور: وهو الباقي على خلقته حقيقة أو حكماً.

حقيقة: بحيث لم يتغيَّر شيء من أوصافه، كماء البحار، والماء الذي نخرجه من البئر على طبيعته ساخناً لم يتغيَّر.

والماء النَّازل من السَّماء.

أو حُكْماً: كالماء المتغيِّر بغير ممازج، أو المتغيِّر بما يشقُّ صون الماء عنه، فهذا طَهور لكنه لم يبقَ على خلقته حقيقة، وكذلك الماء المسخَّن فإِنه ليس على حقيقته؛ لأنَّه سُخِّن، ومع ذلك فهو طَهور؛ لأنَّه باقٍ على خلقته حكماً. (الشرح الممتع).

• وهذا الماء الطهور (لا يرفعُ الحدث ولا يزيل النجس الطارئ غيرهُ) وقد تقدم شرح ذلك قبل قليل.

(فَإِنْ تَغَيَّرَ بغير مُمَازجٍ كَقِطَع كَافُور، أو دُهْنٍ، أوْ سُخِّن بنَجَسٍ كُرهَ).

هذه أنواع يكون فيه الماء طهوراً لكن يكره استعماله:

الأول: إِنْ تَغَيَّرَ بغير مُمَازجٍ كَقِطَع كَافُور: أي: إن تغير الماء بشيء لا يمازجه كقطع الكافور، فإنه يكون طهور مكروه.

يكون طهوراً: لأن هذا التغير ليس عن ممازجة، ولكن عن مجاورة، فالماء هنا لم يتغير، لأن هذه القطع مازجته، ولكن لأنها جاورته.

ويكون مكروهاً: خروجاً من الخلاف، لأن بعض العلماء يقول: إنه طاهر غير مطهر.

والصواب أنه طهور بلا كراهة، لعدم الدليل على الكراهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>