للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشنقيطي: وَحَقِيقَةُ الْجِهَادِ بَذْلُ الْجُهْدِ وَالطَّاقَةِ، وَالْمَالُ هُوَ عَصَبُ الْحَرْبِ وَهُوَ مَدَدُ الْجَيْشِ، وَهُوَ أَهَمُّ مِنَ الْجِهَادِ بِالسِّلَاحِ، فَبِالْمَالِ يُشْتَرَى السِّلَاحُ، وَقَدْ تُسْتَأْجُرُ الرِّجَالُ كَمَا فِي الْجُيُوشِ الْحَدِيثَةِ مِنَ الْفِرَقِ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَبِالْمَالِ يُجَهَّزُ الْجَيْشُ، وَلِذَا لَمَّا جَاءَ الْإِذْنُ بِالْجِهَادِ أَعْذَرَ اللَّهُ الْمَرْضَى وَالضُّعَفَاءَ، وَأَعْذَرَ مَعَهُمُ الْفُقَرَاءَ الَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ تَجْهِيزَ أَنْفُسِهِمْ، وَأَعْذَرَ مَعَهُمُ الرَّسُولَ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ مَا يُجَهِّزُهُمْ بِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى، إِلَى قَوْلِهِ: وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُون).

وَكَذَلِكَ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ، قَدْ يُجَاهِدُ بِالْمَالِ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ بِالسِّلَاحِ كَالنِّسَاءِ وَالضُّعَفَاءِ، كَمَا قَالَ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزا).

وفي سؤال لفضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال فيه السائل: نجد أن الله عزَّ وجل في كثير من آيات الجهاد يقدِّم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس؛ فما الحكمة من ذلك؟

فأجاب فضيلته بقوله: يظهر والله أعلم لأن الجيش الإسلامي قد يحتاج إلى المال أكثر من حاجته إلى الرجال؛ ولأن الجهاد بالمال أيسر من الجهاد بالنفس.

فائدة: ٢

يشترط في الجهاد في سبيل الله أن خالصاً لله تعالى.

أ-عن أبي موسى. قَالَ: سُئِلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الرَّجُلِ يُقاتلُ شَجَاعَةً، ويُقَاتِلُ حَمِيَّةً، ويُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذلِكَ في سبيلِ الله؟ فقال رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ قَاتَلَ لِتَكونَ كَلِمَةُ اللهِ هي العُلْيَا، فَهوَ في سبيلِ الله) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

ب-ولحديث أبي أُمامة، قال (جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: أرأيت رجلاً غزا يلتمِسُ الأجرَ والذِّكْرَ، ما لَهُ؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا شيءَ له، ثمَّ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنَّ الله لا يقبلُ من العملِ إلاَّ ما كانَ خالصاً، وابتُغي به وجهُهُ).

ج- ولحديث أبي هريرة (أنَّ رجلاً قال: يا رسول اللهِ، رجلٌ يريدُ الجِهادَ وهو يبتغي عَرَضاً مِنْ عَرَضِ الدُّنيا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا أجر له، فأعاد عليه ثلاثاً، والنَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا أجر له) رواه أبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>