وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَشَارَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الصَّلَاةِ إلَى النَّاسِ وَهُمْ قِيَامٌ، أَنَّ اجْلِسُوا. فَجَلَسُوا.
وَلَنَا؛ أَنَّهَا شَهَادَةٌ بِالْإِشَارَةِ، فَلَمْ تَجُزْ، كَإِشَارَةِ النَّاطِقِ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْيَقِينُ، وَلِذَلِكَ لَا يَكْتَفِي بِإِيمَاءِ النَّاطِقِ، وَلَا يَحْصُلُ الْيَقِينُ بِالْإِشَارَةِ، وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِإِشَارَتِهِ فِي أَحْكَامِهِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ هَاهُنَا، وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ حَاكِمًا، وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُمْضِي حُكْمَهُ إذَا وَجَدَ حُكْمَهُ بِخَطِّهِ تَحْتَ خَتْمِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ، وَالشَّاهِدُ لَا يَشْهَدُ بِرُؤْيَةِ خَطِّهِ، فَلَأَنْ لَا حُكْمَ بِخَطِّ غَيْرِهِ أَوْلَى.
وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَلَامِ، وَعَمِلَ بِإِشَارَتِهِ فِي الصَّلَاةِ.
وَلَوْ شَهِدَ النَّاطِقُ بِالْإِيمَاءِ وَالْإِشَارَةِ، لَمْ يَصِحَّ إجْمَاعًا، فَعُلِمَ أَنَّ الشَّهَادَةَ مُفَارِقَةٌ لِغَيْرِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ. (المغني).
جاء في (الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي) اشترط الحنفية والشافعية والحنابلة أن يكون الشاهد ناطقاً، فلا تقبل شهادة الأخرس، وإن فهمت إشارته، لأن الإشارة لا تعتبر في الشهادات، لأنها تتطلب اليقين، وإنما المطلوب التلفظ بالشهادة.
وأجاز المالكية قبول شهادة الأخرس إذا فهمت إشارته.
لأنها تقوم مقام نطقه في طلاقه ونكاحه وظهاره، فكذلك في شهادته.
(الرَّابِعُ: الإِسْلَامُ).
رابعاً: الإسلام.
فلا تقبل شهادة الكافر.
جاء في (الفقه الإسلامي وأدلته) اتفق الفقهاء على اشتراط كون الشاهد مسلماً، فلا تقبل شهادة الكافر على المسلم؛ لأنه متهم في حقه.
أ- لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا).
ب- وإذا كان الفاسق يجب علينا اليقين في خبره، فما بالك بالكافر (فالكافر محل الخيانة).
ج- وقال تعالى (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) والكافر ليس بعدل.
د- وقال تعالى (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) والكافر ليس منا، ولا ممن نرضاه.