للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• إن قيل كيف بال الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذه السباطة القريبة من الدور مع أن المعروف من عادته التباعد عند قضاء الحاجة؟

الجواب:

قال النووي: وَأَمَّا بَوْله -صلى الله عليه وسلم- فِي السُّبَاطَة الَّتِي بِقُرْبِ الدُّور مَعَ أَنَّ الْمَعْرُوف مِنْ عَادَته -صلى الله عليه وسلم- التَّبَاعُد فِي الْمَذْهَب، فَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاض -رضي الله عنه- أَنَّ سَبَبه: أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ مِنْ الشُّغْل بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّظَر فِي مَصَالِحهمْ بِالْمَحَلِّ الْمَعْرُوف، فَلَعَلَّهُ طَالَ عَلَيْهِ مَجْلِس حَتَّى حَفَزَهُ الْبَوْل فَلَمْ يُمْكِنهُ التَّبَاعُد، وَلَوْ أَبْعَد لَتَضَرَّرَ، وَارْتَادَ السُّبَاطَة لِدَمَثِهَا، وَأَقَامَ حُذَيْفَة بِقُرْبِهِ لِيَسْتُرهُ عَنْ النَّاس. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي حَسَن ظَاهِر. (شرح مسلم).

• إن قيل: كيف بال النبي -صلى الله عليه وسلم- في سباطة قوم من غير إذنهم؟

قال النووي: وَأَمَّا بَوْله -صلى الله عليه وسلم- فِي سُبَاطَة قَوْم فَيَحْتَمِل أَوْجُهًا:

أَظْهَرهَا: أَنَّهُمْ كَانُوا يُؤْثِرُونَ ذَلِكَ وَلَا يَكْرَهُونَهُ بَلْ يَفْرَحُونَ بِهِ، وَمَنْ كَانَ هَذَا حَاله جَازَ الْبَوْل فِي أَرْضه، وَالْأَكْل مِنْ طَعَامه، وَنَظَائِر هَذَا فِي السُّنَّة أَكْثَر مِنْ أَنْ تُحْصَى.

وَالْوَجْه الثَّانِي: أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُخْتَصَّة بِهِمْ بَلْ كَانَتْ بِفِنَاءِ دُورهمْ لِلنَّاسِ كُلّهمْ فَأُضِيفَتْ إِلَيْهِمْ لَقُرْبهَا مِنْهُمْ.

وَالثَّالِث: أَنْ يَكُونُوا أَدْنَوْا لِمَنْ أَرَادَ قَضَاء الْحَاجَة إِمَّا بِصَرِيحِ الْإِذْن وَإِمَّا بِمَا فِي مَعْنَاهُ. وَاَللَّه أَعْلَم. (شرح مسلم).

(ويحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير بنيان).

أي: يحرم على قضاء الحاجة أن يستقبل القبلة أو أن يستدبرها حال قضاء الحاجة في الفضاء دون البنيان.

وهذا قول جماهير العلماء: أنه يحرم في الفضاء ويجوز في البنيان.

قال ابن حجر: وبالتفريق بين البنيان والصحراء مطلقاً قال الجمهور، وهو مذهب مالك والشافعي وإسحاق، وهو أعدل الأقوال لإعماله جميع الأدلة.

قال النووي: وهو مروي عن العباس بن عبد المطلب وعن عبد الله بن عمر والشعبي وإسحاق.

لحديث أبي أَبِي أَيُّوب. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (لَا تَسْتَقْبِلُوا اَلْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) متفق عليه.

وهذا نهي عام.

<<  <  ج: ص:  >  >>