(الثاني: نذر الطاعة، فيجب الوفاء به).
هذا النوع الثاني من أنواع النذر: نذر الطاعة.
فهذا يجب الوفاء به، سواء كان مطلقاً أو معلقاً.
مثال المطلق: لله عليّ أن أصلي ركعتين.
مثال المعلق: إن شفى الله مريضي فلله علي نذر أن أصوم شهر.
عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ) رواه البخاري.
قال ابن قدامة: نَذْرُ طَاعَةٍ وَتُبَرَّرُ.
فَهَذَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِلْآيَتَيْنِ وَالْخَبَرَيْنِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ.
أَحَدُهَا: الْتِزَامُ طَاعَةٍ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ اسْتَجْلَبَهَا، أَوْ نِقْمَةٍ اسْتَدْفَعَهَا، كَقَوْلِهِ: إنْ شَفَانِي اللَّهُ، فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ.
فَتَكُونُ الطَّاعَةُ الْمُلْتَزَمَةُ مِمَّا لَهُ أَصْلٌ فِي الْوُجُوبِ بِالشَّرْعِ، كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ.
فَهَذَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْتِزَامُ طَاعَةٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، كَقَوْلِهِ ابْتِدَاءً: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ.
فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: نَذْرُ طَاعَةٍ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الْوُجُوبِ، كَالِاعْتِكَافِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ.
فَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ فَرْعٌ عَلَى الْمَشْرُوعِ. (المغني).
[فائدة]
من شق عليه وعجز عن الاستمرار في النذر الواجب، فعليه أن يكفر كفارة يمين.
لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةٍ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا أَطَاقَهُ، فَلْيَفِ بِهِ) رواه أبو داود.