أولاً: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شبه الطواف بالصلاة وليس المراد التشبيه في الأفعال والهيئة لتباينهما، وإنما المراد التشبيه بها في الحكم، فدل ذلك على أن للطواف جميع الأحكام المتعلقة بالصلاة- إلا ما استثناه الدليل- ومن ذلك اشتراط الطهارة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- (لا يقبل الله صلاة بغير طهور).
ثانياً: من قوله (إلا أن الله أباح فيه المنطق) فاستثناؤه -صلى الله عليه وسلم- إباحة المنطق في الطواف، دليل على اشتراط ما عداه كما يشترط في الصلاة، ومن ذلك اشتراط الطهارة من الحدث.
ج- قوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة رضي الله عنها حين حاضت وهي محرمة (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري) متفق عليه. وفي رواية لمسلم (حتى تغتسلي).
وجه الاستدلال منه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص لعائشة أن تفعل وهي حائض جميع ما يفعله الحاج، ولم يمنعها إلا من الطواف، وجعل ذلك مقيداً باغتسالها وتطهرها، فدل ذلك على ترتب منع الطواف على انتفاء الطهارة، وعلى أن الطهارة شرط لصحة الطواف، وعلى عدم صحته بدونها، لأن النهي في العبادات يقتضي الفساد.
د-قوله -صلى الله عليه وسلم- لما أخبر بأن صفية حاضت (أحابستنا هي؟ قالوا: إنها قد أفاضت. قال: فلا إذاً) متفق عليه.
وجه الاستدلال: إخباره -صلى الله عليه وسلم- بانحباسه- وانحباس من كان معه لانحباسه- لحيض صفية، لو لم تكن قد أفاضت، مع ما في ذلك من المشقة العامة، دليل ظاهر- إن لم يكن نصاً صريحاً- على اشتراط الطهارة لصحة الطواف.
[القول الثاني: الطهارة للطواف من الحدث سنة.]
وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية.
أ- لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث أبا بكر عام تسع لما أمره على الحج ينادي (ألا يطوف بالبيت عريان).
وجه الاستدلال منه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن طواف العراة بالبيت، ولم يثبت أنه أمر بالطهارة للطواف، فدل ذلك على أن الطهارة ليست واجبة إذ لو كانت واجبة لأمر بها.