للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كيف حلف بأبيه مع أن الحلف بغير الله شرك؟]

قد أجاب العلماء عن هذا بعدة أجوبة:

قيل: يحتمل أن هذا قبل النهي.

وقيل: إن هذا ليس حلفاً وإنما كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة حقيقة الحلف، ورجحه النووي.

قال النووي: قَوْله -صلى الله عليه وسلم- (أَفْلَحَ وَأَبِيهِ) لَيْسَ هُوَ حَلِفًا إِنَّمَا هُوَ كَلِمَة جَرَتْ عَادَة الْعَرَب أَنْ تُدْخِلَهَا فِي كَلَامهَا غَيْرَ قَاصِدَةٍ بِهَا حَقِيقَةَ الْحَلِفِ. وَالنَّهْي إِنَّمَا وَرَدَ فِيمَنْ قَصَدَ حَقِيقَة الْحَلِف لِمَا فِيهِ مِنْ إِعْظَام الْمَحْلُوفِ بِهِ وَمُضَاهَاتِهِ بِهِ اللَّهَ سُبْحَانه وَتَعَالَى. فَهَذَا هُوَ الْجَوَاب الْمَرْضِيُّ. وَقِيلَ: يُحْتَمَل أَنْ يَكُون هَذَا قَبْل النَّهْي عَنْ الْحَلِف بِغَيْرِ اللَّه تَعَالَى وَاَللَّه أَعْلَمُ.

وقيل: أن ذلك كان جائزاً ثم نسخ.

قال في الفتح: قاله الماوردي وحكاه البيهقي، وقال السبكي أكثر الشراح عليه حتى قال ابن العربي: وروى أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يحلف بأبيه حتى نهى عن ذلك.

وقيل: إن في الجواب حذفاً تقديره: أفلح ورب أبيه، ذكره البيهقي.

وقيل: إن ذلك خاص بالشارع دون غيره من أمته وتعقب بأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال. (الفتح).

فائدة: ٥

ما الجواب عن القسم بغير الله الوارد في القرآن؟

قال في (الفتح) وأما ما ورد في القرآن من القسم بغير اللَّه، ففيه جوابان:

أحدهما: أن فيه حذفاً، والتقدير ورب الشمس، ونحوه.

والثاني: أن ذلك يختصّ باللَّه تعالى، فهذا أراد تعظيم شيء من مخلوقاته أقسم به، وليس لغيره ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>