للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ رُوِيَ (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ فِي دَعْوَةٍ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ نَاحِيَةً، فَقَالَ: إنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: دَعَاكُمْ أَخُوكُمْ، وَتَكَلَّفَ لَكُمْ، كُلْ، ثُمَّ صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ إنْ شِئْت).

وَإِنْ أَحَبَّ إتْمَامَ الصِّيَامِ جَازَ؛ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَكِنْ يَدْعُو لَهُمْ، وَيَتْرُكُ، وَيُخْبِرُهُمْ بِصِيَامِهِ؛ لِيَعْلَمُوا عُذْرَهُ، فَتَزُولَ عَنْهُ التُّهْمَةُ فِي تَرْكِ الْأَكْلِ. (المغني).

(وَلَا يَجِبُ الأَكْلُ).

أي: لا يجب الأكل من الوليمة، وإنما الواجب هو الحضور.

لحديث جابر قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) مسلم.

وهذا قول الحنابلة والشافعية.

قالوا: لأن الذي أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- وتوعد على تركه هو الحضور، أما الأكل فلم يأت ما يدل على وجوبه.

لكن لاشك أن الأكل أفضل وأكمل.

قال ابن قدامة: وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ الْأَكْلُ، لَوَجَبَ عَلَى الْمُتَطَوِّعِ بِالصَّوْمِ، فَلَمَّا لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَكْلُ، لَمْ يَلْزَمْهُ إذَا كَانَ مُفْطِرًا.

وَقَوْلُهُمْ: الْمَقْصُودُ الْأَكْلُ. قُلْنَا: بَلْ الْمَقْصُودُ الْإِجَابَةُ، وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ عَلَى الصَّائِمِ الَّذِي لَا يَأْكُلُ. (المغني).

<<  <  ج: ص:  >  >>