للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِأَنَّ فِيهِ إحْيَاءَ نَفْسِهِ، فَكَانَ وَاجِبًا، كَإِطْعَامِهِ إذَا اُضْطُرَّ، وَإِنْجَائِهِ مِنْ الْغَرَقِ.

وَوُجُوبُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ، إذَا قَامَ بِهِ وَاحِدٌ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ، فَإِنْ تَرَكَهُ الْجَمَاعَةُ، أَثِمُوا كُلُّهُمْ، إذَا عَلِمُوا فَتَرَكُوهُ مَعَ إمْكَانِ أَخْذِهِ وَرُوِيَ عَنْ سُنَيْنٍ أَبِي جَمِيلَةَ، قَالَ: وَجَدْت مَلْفُوفًا، فَأَتَيْت بِهِ عُمَرَ -رضي الله عنه- فَقَالَ عَرِيفِي: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقَالَ عُمَرُ: أَكَذَلِكَ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ فَاذْهَبْ فَهُوَ حُرٌّ، وَلَك وَلَاؤُهُ، وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ.

(وهو حر).

هذا الحكم الثاني: أن اللقيط حر، ولا يجوز جعله رقيقاً.

لأن الأصل في الآدميين الحرية.

قال ابن قدامة: وجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّقِيطَ حُرٌّ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا النَّخَعِيّ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ اللَّقِيطَ حُرٌّ.

رُوِينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ.

فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْآدَمِيِّينَ الْحُرِّيَّةُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ أَحْرَارًا، وَإِنَّمَا الرِّقُّ لِعَارِضٍ، فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ الْعَارِضُ، فَلَهُ حُكْمُ الْأَصْلِ. … (المغني).

(مسلم).

هذا الحكم الثالث: أنه محكوم بإسلامه، وهذا إذا كان في دار إسلام خالصة أو بالأكثرية.

لقوله -صلى الله عليه وسلم- (كل مولود يولد على الفطرة .. ).

<<  <  ج: ص:  >  >>